أخبار

ما وراء القرار

القرار الذي أصدرته اللجنة التي شكلها رئيس القضاء وتضم في عضويتها نائب رئيس القضاء ووزير العدل بإلزام المشترين في معاملات بيع العقار السيارات بسداد الجزء النقدي من ثمن البيع بموجب شيك معتمد من البنك، وعدم الاعتداد بتوثيق عقد البيع إلا بعد تحصيل قيمة الشيك، وجعل القرار ذلك شرطاً لصحة البيع.. مثل هذا القرار الذي يتسق مع سياسات الدولة نحو تجفيف السيولة خارج الجهاز المصرفي وإرغام المواطنين على إيداع الأموال التي بطرفهم والتي يجري التعامل بها في الجهاز المصرفي، ولكنه يضع الجهاز القضائي المعروف باستقلاليته وحياديته في المحك والشكوك والظنون، وخاصة أن مثل هذا القرار له فوائد وخدمة كبيرة لطرف ثالث وضرر بالغ بأحد الأطراف كيف ذلك؟؟ إذا كان المواطنون الذين يعرضون عقاراتهم وسياراتهم إلى البيع يبتغون فقط الربح والتجارة، فإن المصلحة العامة قد تقتضي (بتحفظ) اتخاذ مثل هذا القرار، ولكن أغلب الذين (يبيعون) عقاراتهم وسياراتهم ترغمهم ظروف قاهرة كالمرض والوفاة والزواج والسفر، وحتى تدبير لقمة العيش اليومية ومصاريف الدراسة للأبناء والبنات، وهؤلاء اضطرتهم الظروف للتخلص من ممتلكاتهم طمعاً في السيولة النقدية.. والسيد رئيس القضاء المحترم يعلم أن المواطنين السودانيين محرومون عمداً وقهراً من حقوقهم وأموالهم التي تحتجزها الدولة بقوة السلطة وليس بالحق.. ولن يستطيع المواطنون الحصول على مدخراتهم المحجوزة بالقوة.. فكيف يتحصل المواطنون على عائد بيعهم لعقاراتهم وسياراتهم بعد أن يذهب لبطون المصارف التي تمنحك بطاقة صرف لا يتجاوز سقفها اليومي الـ(2) ألف جنيه إذا وجدت نافذة صرف مفتوحة وتمت تغذيتها بالنقود؟؟
ورئيس القضاء مولانا “حيدر أحمد دفع الله” عرف بالنزاهة والتواضع ورد الحقوق لأهلها فكيف يصبح بهذا القرار مساعداً للظالم؟؟ ومساهماً في هضم حقوق المواطنين بدعوى مساعدة جهة غير ملزم قانوناً ودستوراً بمساعدتها وإلا أصبح القضاء نفسه شريكاً في ظلم المواطنين بإصدار مثل هذا القرار الذي يفتح أبواب التحايل والبحث عن ثغرات يتسلل من خلالها (الناس) لدرء مخاطر استيلاء الدولة على أموالهم بقوة القوة لا بقوة الحق.
كان حرياً برئيس القضاء رفض إصدار مثل هذا القرار بعد أن أعلن رئيس مجلس الوزراء قبل ذلك بأيام محدودة عن إجراءات وقرارات تتخذها الحكومة من شأنها توفير موارد ضخمة لخزانة الدولة، ولم تمض أيام إلا وأصدرت اللجنة التي شكلها مولانا قرارها الذي هو خدمة كبيرة للجهاز التنفيذي؟؟ وخلال الشهور الماضية عانى المواطنون من احتجاز أموالهم ، ومن قبة البرلمان أعترف رجل أعمال شجاع “حسن صباحي” بأنه وجد نفسه مضطراً ومرغماً على التعامل (الربوي) حتى يفي بالتزاماته نحو العمال البسطاء الذين ينتظرونه كل (خميس) لصرف استحقاقاتهم المالية.. فإذا تفشى الربا في مجتمع ما.. محق الله أعماله وخسئت خطاه.. فأين القضاء مما فيه الشعب السوداني.. وفي التاريخ القريب والبعيد يلجأ الشعب حينما تضيق به الأرض لمؤسستي القضاء والجيش لحمايته وحفظ كرامته.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية