الديوان

(المجهر) تحاور الفنان “حمزة سليمان” عضو فرقة (عقد الجلاد) بعد هجرته الثالثة إلى كندا وتخرج بالمثير

(عقد الجلاد) من ثوابت السودان (زي الهلال والمريخ).. ولهذه الأسباب لم تنتشر الأغنية السودانية خارجياً

هاملتون – كندا :محمد عثمان يوسف (حبة)
في إطار سعيها توثيقا للحراك الثقافي والفني وحركة المجتمع السوداني خارج حدود أرض الوطن الذي يزخر بعدد ضخم من أبنائه المبدعين والمنتشرين في أصقاع الدنيا.. تواصل صحيفة (المجهر) حواراتها ولقاءاتها مع رموز المجتمع الذين أثروا حياتنا الثقافية والفنية ..حيث نلتقي اليوم بالموسيقار والمؤلف الموسيقي د. “حمزة سليمان” أحد أعضاء فرقة عقد الجلاد السابقين.. وهو من المهمومين بقضايا التأليف الموسيقي والألحان حيث سجلنا له زيارة داخل استديو صديقه الفنان العالمي الجامايكي الكندي “مايكل سانت جورج” بشارع (سانفورد) بمدينة هاملتون الكندية.. والشكر الجزيل لكابتن، الاسكواتش والتنس وبطل الجمهورية السوداني المهاجر بكندا لعشرات السنين “هاني دانقوريا” ابن الجزيرة الخضراء مدينة ود مدني، وهو أحد الشباب السودانيين المقيمين بكندا لسنوات طوال ..والذي مهد لنا هذا اللقاء وغيره، فإلى مضابط الحوار..
*بداية نسأل دكتور “حمزة سليمان” أين أنتم طوال هذه الفترة ولماذا تسجل غيابا عن الساحة الفنية؟
أنا غير مختفٍ بدليل أن أعمالي، وتسجيلاتي وألحاني الفنية والموسيقية موجودة في الساحة الفنية ضمن فرقة عقد الجلاد واتعامل معها موسيقيا حتى الآن ..يعني رغم الغربة وسنينها والابتعاد عن أرض الوطن طوال هذه السنوات إلا أنني حاضر فنيا والحمد لله ..
*متى كان دخول الأراضي الكندية تحديدا؟
دخلت الأراضي الكندية قادما من الولايات المتحدة الأمريكية منذ ٧ أشهر تقريبا ..تحديدا في شهر مارس ٢٠١٨ مكثت في أمريكا حوالي عامين التي دخلتها في العام ٢٠١٦ ..والتي قدمت إليها من دولة الإمارات العربية المتحدة.. أبوظبي ..والتي عشت فيها منذ العام ١٩٩٩.. وكما قال الشاعر الصديق “هاشم صديق” .. المنافي تلد منافي وكل سمحا شين مافي….ومن هنا نحيي الشاعر المناضل الكبير الأستاذ “هاشم صديق” .
*نعود إلى محطة الخروج الأول إلى دولة الإمارات العربية ماذا كنت تعمل خلال تلك الفترة من حياتك؟
استطيع أن أقول لك بكل صراحة إن أكثر نشاط فني مارسته بعد أن تركت فرقة عقد الجلاد ، هو عملي مدرسا للموسيقى في كلية الأحفاد الجامعية ..حيث ساهمت في تأسيس (كورال الأحفاد) ..ومن ثم سافرت إلى الخليج لكي اعمل مدرسا للموسيقى في كلية الشرطة أو بالأصح القيادة العامة لقوات شرطة أبوظبي لمدة ١٦ عاما .. خلال هذه الفترة الطويلة إلى جانب عملي كمدرس موسيقى كنت أقوم بعمل المارشات والبارسات العسكرية وآخر إنجاز عملناه كان هو تحويل كل السلامات الوطنية من مقروءة إلى الكترونية..
*عفوا د.”حمزة” ممكن قليلا من الإيضاح والتفسير ببساطة؟
..طيب بكل بساطة يعني تحويل عمل أية آلة موسيقية لنوتة موسيقية تعزف في أي سلام وطني يجدها المتابعون والمهتمون (On line) لكي يتم تداولها وسماعها.. يعني تحويل النص الموسيقي إلى حالة استماع توزيعا لتلك الأناشيد والسلامات الوطنية ..في دولة الإمارات…
*طيب جميل جدا أخي د.”حمزة” بذكرك لعقد الجلاد ..هنالك تساؤل ملح يطرأ على ذهنية المتابعين من القراء أو حتى صحافيي الداخل والخارج ..ماذا تبقى من عقد الجلاد كفرقة راسخة وهل انفرطت حبات العقد من بعدكم؟
….لا ..لا لا ..كررها ثلاث مرات الفنان “حمزة سليمان” ثم أردف قائلا ..كنا من أوائل من ساهموا في وضع اللبنات الأولى للفرقة ..وكنت من المساهمين وليس المؤسسين ..فهنالك زملاء آخرون من قاموا بوضع اللبنات الأولى ..تأسيسا.. وأنا من من أوائل من ساهموا إلى جوار زميلي “عثمان النو”.. في وضع اللبنات الأولى للتأليف الموسيقي لفرقة عقد الجلاد ..لا نقول ماذا تبقى من عقد الجلاد ..بل قل ما تبقى من أفراد.. فعقد الجلاد كفرقة موجودة خلال أغنيات وأعمال موسيقية ونصوص شعرية، وإذا كنت متتبعا لما ذكرته في التسعينيات.. عندما قلت في أحد احاديثي الصحفية إن عقد الجلاد ستكون ثابتا من ثوابت السودان زي هلال مريخ.. وتتجدد العضوية وهي مستمرة ..
*هل مازال بريق وجمهور عقد الجلاد هو نفس جمهورها في التسعينيات وأين نشاطها مثل الذي كان خلال حفلات نادي الضباط الجماهيرية وأين ذلك الألق القديم ؟
جمهور عقد الجلاد هو مازال جمهور عقد الجلاد ..وهو أحد أسباب نجاحها كفرقة.. ولا اكون مخطئا إذا قلت لك هو السبب الرئيس في نجاحها .. واستمراريتها وديموميتها.. ومازال بريقها وألقها قائما ..ومازالت حفلاتها تحمل نفس الصيت القديم والجمهور العالي ..برغم صعوبة الوصول الى أماكن الحفلات العامة وبرغم البيروقراطية في بعض الأحايين لتصديق حفلاتها؛ إلا أن عقد الجلاد حضور في كل المسارح ؛وهذا حسب متابعتي اللصيقة مع الزملاء لنشاطهم الفني..
*هل ابتعاد أو سقوط أو تنحي أو اعتزال أو تخلى بعض أفرادها أثر في تكوين الفرقة ونشاطها الفني والموسيقى بصورة أشمل وأعم ؟
..لا ..لا ..شوف عاوز أقول ليك حاجة برغم ابتعاد بعض الزملاء، عن عقد الجلاد هذا لم يؤثر مطلقا في نشاطها كفرقة غنائية موسيقية.. وأقرب مثال لذلك أن الأستاذ الدكتور “عثمان النو”.. قد ترك الفرقة باكرا وهو من المؤسسين كما اسلفت وهذا لم يؤثر في نشاط وحركة الفرقة ..برغم أنه اخذ أعماله الفنية ..وهكذا ..فعقد الجلاد لا ترتبط -ابدا – بأفراد ؛بل ترتبط بمبادئ وأسس وقيم..
*نعود إلى تجربتك وإنتاجك الفني مع شركة حصاد الفنية وأنت كنت تعمل معها في ذلك الوقت؟
…خلال عملي بشركة حصاد كنت ضمن أعضاء فرقة عقد الجلاد حيث كانت لدينا مكاتب بنفس مقر الشركة في شارع عطبرة ..بالخرطوم ..وتربطني علاقات صلات اجتماعية راسخة بالأخوين” أحمد يوسف وصلاح المبارك”..وما قامت به ( حصاد ) في ذلك الوقت مطلع التسعينيات من توثيق وأرشفة لكل الأعمال الفنية والموسيقية.. عجزت عنه الدولة ممثلة في الإذاعة والتلفزيون وقامت هذه الجهات بإيقاف تسجيل أعمال الفنانين لديها.. واتمنى أن تكون هذه المواد موجودة لدى (حصاد) لكي تحفظ للأجيال القادمة ..ويتم إعادة إنتاجها بشكل أكثر تطورا..
*هذا يقودنا الى سؤال مهم جدا ..ماهي مشكلة الأغنية السودانية ولماذا، لا تجد الذيوع والانتشار عالميا..فماهو السبب برأيك؟
..كل مقومات الأغنية الناجحة العالمية موجودة لدينا من كلمات وألحان وأداء وإيقاعات وشعراء، ومتوفرة في السودان.
*طيب أين تكمن العلة يا دكتور “حمزة” ولماذا لا يعرف لنا فنا خارجيا إلا عبر الفنان سفير الأغنية السودانية” سيد خليفة”.. وبعض شذرات ومشاركات على عدد الأصابع؟
..الغناء السوداني موجود خارجيا ولكن يحتاج لتضافر الجهود من الدولة والقائمين على أمر الثقافة والفنون في بلادنا ولا بد من الاهتمام المتعاظم والقوي لعكس منتوجنا الثقافي ليس في الأغنية فقط .وكل ضروب الفنون ، لابد من الإنتاج الضخم ومزيد من الاهتمام ..وشخصيا لا أحبذ فشلنا على شماعة إمكانيات الدولة ..ولكن لابد من صياغة قوالب وأطر وفورمات للأغنية المثالية التي يمكن أن تنتج محليا لتنافس عالميا ..ولا ننسى أن هنالك بعض المشاركات الفردية لزملاء وفنانين نجحت خارجيا بنسبة ما.. على قلتها ..ولكن المهرجانات العالمية تحتاج لتضافر الجهود والفنان لوحده لا يستطيع أن يقدم كل مقومات النجاح ..
*ماذا يعمل الفنان” حمزة سليمان” في دولة كندا تحديدا مدينة هاملتون ..التي تعيش فيها؟
حاليا. أقوم بوضع اللمسات الفنية الأخيرة لإنتاج فني موسيقي داخل استديو (Black Maple Records..)..لصاحبه الفنان الموسيقي العالمي الجامايكي الكندي” مايكل سانت جورج ” الذي يقع بشارع (سانتفورد) بهذه المدينة الوديعة الهادئة.. وحاليا أنا متفرغ تماما لهذا العمل.. الذي سيخرج في شكل سي ديهات C.D…بعنوان (أم درمان )…وهو منتوج فني يضم ثماني أغنيات للشعراء، “محجوب شريف ..هاشم صديق ..وعبد القادر الكتيابي والصحفي الشاعر محمد محمد خير” المقيم بكندا .. وغيرهم من الشعراء.. سيرى النور خلال حفل ضخم يحضره جميع أبناء، الجالية السودانية والكندية .. سيدشن بمدينة (تورنتو) عاصمة إقليم أونتاريو مطلع العام الجديد إن شاء الله …
*هل لديكم أي نشاط فني آخر وكيف وجدت هذه البلاد السودانيون ..في دولة غير عربية مختلفة الثقافات؟..
بصراحة فاجأني السودانيون في هذه البلاد الطيبة بدفئهم وحسن معشرهم وطيبتهم ومعاملاتهم.. والذي فاجأني أكثر الأعداد الكبيرة منهم.. بل أنني مسرور جدا لوجود أسماء سودانية مميزة في كندا ..حيث كان لها وجود بائن يوما ما في الوطن الأم ..وتشرفت بمعرفتهم.. واخص بالتحية مجتمع مدينة (هاملتون) ..وعلى رأسهم الفنان والعازف الدكتور “بشير إسماعيل ” رئيس الجالية السابق ..وهو الآن موجود في إجازة بالسودان …
*هل لديكم أي نشاط سياسي أو اهتمامات، أخرى غير الفنون والموسيقى… أو أي انتماء، لحزب معين؟
عاوز أقول ليك حاجة ..مهمة جدا كل الموسيقيين في العالم ..لم يكن لديهم علاقة مباشرة بالعمل السياسي ..بل كانت لديهم مواقف، منحازة للشعب ..ونحن نشأنا في بيت وبيئة وثراء، وجمال فني اغنانا عن السياسة ودروبها ومنعرجاتها ..وما كان ممكن نهتم بالعمل السياسي ..وهي بالنسبة لنا لا ترقي حتى لمستوى الإسقاط الفني ؛لذلك يكون أجدر مما نهتم بممارسة العمل والفعل السياسي المباشر.. لذلك نحن الفنانين والموسيقيين حزبنا أكبر وأهم من كل الأحزاب السياسية ؛هل سمعت يوما ما بفنان ساهم في فصل جزء عزيز من وطنه؟.. ومازال الحديث للفنان “حمزة سليمان” بل الفنان دوما يحمل هموم شعبه ويجمل الدواخل.. كلنا يذكر أغنية مافي شمال بدون جنوب وما في جنوب بدون شمال.. التي كان غناها الفنان “صلاح مصطفى” ….وكذلك كلنا يحفظ رائعة ود القرشي.. يالفي جنوب حيي الشمال ويالفي الشروق ليك شوقنا طال طال ويالفي الغروب هاك لحني القال قال….الفنون والفنانون دوما يساهمون في ترسيخ العمل الجماعي الجميل في وجدان الأمة.. بعكس بعض السياسيين الذين ساهموا في فصل جزء، عزيز من هذا الوطن الجميل.
*ماهو عنوان الدكتوراه التي حصل عليها الفنان “حمزة سليمان” ..ومن أين؟
كانت رسالتي في الدكتوراه من خلال (الموسيقى العسكرية في دولة الإمارات العربية) أي موسيقى الشرطة بعنوان (الخصائص اللحنية والإدارية في موسيقى الشرطة الإماراتية ..موسيقى شرطة أبوظبي نموذجا )..
*متي يتوقف نزيف الهجرة للعقول والمواهب والخامات السودانية برأيكم وماهي الأسباب؟
….الأسباب طبعا معروفة وكثيرة جدا.. منها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.. وهي التي أدت هجرة المبدعين السودانيين ..ندعو الله أن يزيل تلك الأسباب.. أو القمة.. وينصلح حال البلاد حتى تعود كل الطيور المهاجرة ..إلى أرض الوطن..

*ثم ماذا عن خصائص الأسرة والبطاقة الشخصية وأشياء، خاصة لا يعرفها الناس عنكم؟
…أنا “حمزة سليمان” من مواليد مدينة أم درمان ..برج الحمل ..متزوج وأب لأربعة أبناء ذكور هم” أواب ..محمد …عبد الرحمن …أصغرهم أحمد” ..وكلهم فنانين ومغنيين ..كما أسلفت لك أنا من أسرة سودانية فنية نشأنا في بيئة وثراء جمالي ورباني ..وشقيقي الأكبر بروف “الماحي سليمان ” وكذلك ابنه “نزار” وهو مغنٍ جيد ومن أميز الأصوات السودانية، وكذلك شقيقي المغني والموسيقي “دفع السيد سليمان” وهو خريج معهد الدراسات الإضافية..
نحن جميعا ورثنا هذه الجينات الفنية من حبوبتنا “ستنا سراج النور عبد الرحمن”.. كانت مؤلفة موسيقية معروفة وهي أم والدتنا.. وكل الخالات والعمات والحبوبات والأهل يعشقون الفن والموسيقى والفنون والشعر ، هؤلاء أناس يفيض منهم الجمال والحنية والتعاطف ..التحية لهم جميعا .
*ختاما رسالة للشعب السوداني من كندا .. على لسان الفنان د.”حمزة سليمان” عبر صحيفة (المجهر السياسي ).. نختم بها هذا الحوار الشيق..
..تحية خاصة للشعب السوداني ..وقلبي مع أهلي وعشيرتي.. وأن يرفع البلاء على هذا الشعب الجميل الصابر على كل الظروف التي تمر به ..واتمنى ألا تسيل في يوم ما أي دماء عزيزة بين أبناء الوطن ..وألا يمر بأي كارثة أو حروب أو محن مثل ما حدث ويحدث في دول جارة وشقيقة.. ولا نملك إلا الدعاء والسلام عليكم.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية