*تسنح الفرصة مجدداً لمجموعة (عقد الجلاد) الغنائية للعودة إلى السيطرة على مسرح الفرق الغنائية بعودة عرابها “شمت محمد نور” (الخميس) القادم، في حفل جماهيري ربما يزيل كثيراً من الجفوة بينها وبين جمهورها.. وهو جمهور معظمه من طلاب الجامعات والخريجين وكثير منهم يتميز بوعي كبير.. والفرقة التي تعدّت رُبع القرن عملت على ترسيخ (مبادئ) و(قيم) إنسانية ووطنية وثورية عبر امتداد مسيرتها الفنية.. لهذا استقطبت إليها (شباباً) (ثائراً) (جامحاً) يعمد إلى إحداث التغيير الوقتي.. ولعل الواقع الاجتماعي (الوردي) الذي تزينه المجموعة في أغانيها هو ما دفع أولئك الشباب للتحلّق حولها والاحتفاء بأغانيها الملتزمة تجاه قضايا وطنها.. أكثر الأغاني الناجحة التي رددتها المجموعة هي لـ”محجوب شريف” و”محمد طه القدال” المعروفين بميولهما الثورية.. وتعدّ أغانيهما المطلب الجماهيري في حفلات (العقد).
* ومؤخراً كان لافتاً مقاطعة كثير من هذا الجمهور لحفلات المجموعة ربما احتجاجاً على ما آل إليه حال الفرقة فهو جمهور، ثائر (نازع نحو التغيير)، (جامح)، (صديق للفرقة الغنائية)، ولكنه رغم ذلك سيكون (حائط الصد) الأول لكل ما يحيق بالفرقة من تقزم وشتات تعانيه حالياً.. واعتقد أن المجموعة حال راهنت على جمهورها فإنه سيكون بمقدورها العودة مرة أخرى مثلما كانت وأقوى من ذلك بكثير، فقط يتبقى للفرقة أن تعيد ترتيب بيتها الداخلي من جديد.. ووقتها لن يخذلها جمهورها أبداً.
* ما زال المسؤولون يتعاملون مع الفن كنوع من (الترف).. وهو ما ظل يجهر ويشكو منه كل المبدعين.. ولا يزال المبدعون يعانون في توفير بيئة ملائمة لإنتاجهم.. لأن القائمين على أمر الفنون أنفسهم ما يزالون غير مدركين قيمة الفن الكبيرة وقدرته على إحداث التأثير الإيجابي في كل فئات المجتمع (خاصة الشباب).. لكي يتبنى القائمون على الأمر هذه القضية يجب أن يؤمنوا بها أولاً.. لذا يجب تغيير عقليتهم.. أو تغيير أسمائهم والإتيان بمسؤولين شباب قادرين على هضم فكرة أن (الفن) إحدى أدوات التغيير المهمة جداً في حركة أي مجتمع.
* ثمة أسئلة تحمل إجاباتها بين سطورها.. مثلاً السؤال عن اختفاء بعض المطربين الشباب مؤخراً.. أمثال “مأمون سوار الدهب” و”مهاب عثمان” و”شريف الفحيل”.. وتأتي الإجابة بلا تردد، أن هؤلاء المطربين صعدوا سلم النجومية بلا مبررات موضوعية.. ولظروف استثنائية فرضها خلو الساحة حالياً من المطرب الشاب الملهم بعد رحيل “محمود عبد العزيز”، فكان طبيعياً أن يهتم الناس بأي قادم جديد.. ولكن هؤلاء القادمين الجدد لم يستطيعوا تثبيت تجاربهم فقط (لأنهم لا يملكون أكثر من ما قدموه).
{ لا نقول إن معينهم الإبداعي نضب لأنهم في الأصل لم يقدموا إبداعاً وإنما- فقط- أعادوا تقديم أغانٍ قديمة.. فأصبحوا بهذا الاجترار (نجوماً مؤقتين)، غير قادرين على الصمود طويلاً، وانكشفوا بعد زوال دهشة الظهور الأول.
{ لا يقتصر الأمر على من تم ذكرهم سابقاً، لكنه ينسحب بالضرورة على كثيرين آخرين يشغلون الساحة الآن ربما في مقدمتهم “مأمون سوار الدهب” و”مكارم بشير”.