فى ذمة الله .. الرئيس المشير (عبد الرحمن سوار الذهب)
جثمان الراحل الكبير يوراى بمقابر (البقيع) ورود أفعال عالمية واسعة لوفاته
الخرطوم – فائز عبد الله
غيّب الموت، أمس، المشير “عبد الرحمن سوار الدهب” عن عمر ناهز (83) عاماً بالمستشفى العسكري بالعاصمة السعودية الرياض.
ويتلقى رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” العزاء في فقيد البلاد والأمتين العربية والإسلامية المشير “عبد الرحمن محمد حسن سوار الدهب” بقاعة الصداقة بالخرطوم، في السابعة من مساء اليوم (الجمعة).
وسيوارى جثمان الفقيد الثرى بالبقيع بالمدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، بمشاركة وفد رسمي بقيادة السيد نائب رئيس الجمهورية الدكتور “عثمان محمد يوسف كبر”.
وحكى نائب رئيس أركان القوات المسلحة في الانتفاضة نائب “سوار الدهب”، الفريق “تاج الدين عبد الله” في إفادة سابقة لـ(المجهر) إن المشير رفض تسلُّم السلطة بحجة أنه أقسم عند تخرجه في الكلية الحربية على عدم خيانة الأمانة، إلا أنه- أي “تاج الدين”- ذكّره بأنه في المقابل أدى القسم على حماية الشعب وإنهم قوات شعب مسلحة لا يمكن أن يشاهدوا الشعب وهو يموت.. فما كان من “سوار الدهب” إلا أن تراجع وتسلّم السلطة حماية للمواطنين.
ونعى رئيس مجلس (حكماء المسلمين) وشيخ الأزهر الإمام د. “أحمد الطيب” وأعضاء المجلس والمكتب التنفيذي، إلى الأمة الإسلامية والعالم عضو المجلس رئيس المجلس الانتقالي السابق المشير “عبد الرحمن سوار الدهب”.
وقال بيان للمجلس، أمس (الخميس)، إن فقيد الأمة والإنسانية “سوار الدهب” له مواقف تاريخية ووطنية، وينحاز دائماً للإنسانية والأعمال الخيرية، وسعى لنشر السلام والتصدي للقتل وإراقة الدماء، وسيظل علامة مضيئة في تاريخ الأمة الإسلامية والعالم.
وتقدم المجلس، بخالص العزاء وصادق المواساة للأمتين العربية والإسلامية، ولأسرة الفقيد الراحل، سائلاً المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.
وقدم معالي رئيس البرلمان العربي الدكتور “مشعل بن فهم السلمي” التعازي إلى المشير “عمر البشير” رئيس الجمهورية والشعب السوداني في وفاة المشير “عبد الرحمن سوار الذهب الرئيس الأسبق لدولة السودان .
وقال رئيس البرلمان في بيان له: ” لقد كان الفقيد مفخرة للسودان وللأمة العربية والإسلامية لما تمتع به من خصال حميدة ورؤية ثاقبة تجسدت في الأعمال التي قدمها للسودان والأمتين العربية والإسلامية.
وتحتسب رئاسة الجمهورية عند الله تعالى للشعب السوداني وللأمة العربية والإسلامية ابناً من أبناء السودان البررة، وقائداً فذاً، المشير “عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب”، الذي لبى نداء ربه صباح أمس بالمستشفى العسكري بالرياض بعد حياة حافلة بالبذل والعطاء في ساحات العمل الوطني والدعوي، وسيوارى الثرى بالبقيع بالمدينة المنورة.
ورئاسة الجمهورية إذ تنعى المشير “سوار الذهب” إنما تنعي إسهاماته الوطنية والإسلامية الكبيرة، فقد خدم وطنه وشعبه جندياً مخلصاً في الدفاع عن تراب الوطن ووحدة أراضيه وسيادته، وقائداً لشعبه، إضافة لعطائه في المجالات السياسية والصحية والاجتماعية وشتى المجالات، ومشاركته الفاعلة في مسيرة السلام والوفاق الوطني عبر مؤتمرات الحوار الوطني، ووثيقة الحوار الوطني، والسلام والأمن، وعطائه وتفانيه من أجل البلاد بنكران ذات وبلا منٍ أو أذى راجياً عطاء الله ثم رضاء المواطنين.
وقد امتد عطاء الفقيد إلى الأمتين العربية والإسلامية بقيادته للعمل الدعوي والطوعي عبر منظمة الدعوة الإسلامية وانتشارها في إفريقيا والعالم أجمع.
الفقد جلل، والاحتساب لعالم تقيٍّ نقيٍّ صافٍ، ولا نقول إلا ما يرضي الله، سائلين المولى عز وجل أن يتقبله قبولاً حسناً مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً ، وأن يُلهم آله وذويَّه وأصدقاءه ومعارفه الصبر وحسن العزاء (إنَّا لله وإنَّا إليْهِ راجِعُون).
وُلِد المشير عبد الرحمن سوار الذهب سنة (1935م) في مدينة أم درمان، ثم انتقل بعد سنتين إلى الأبيض مع والده الذي ذهب إليها ليواصل نشاطه في نشر العلم وتحفيظ القرآن.
وتلقى تعليمه الابتدائي والأوسط والثانوي، ليلتحق بعد ذلك بالكلية الحربية في الخرطوم ويتخرج فيها ضابطاً عام (1955)، أي قبل سنة واحدة من استقلال السودان، كما تلقى علوماً عسكرية عُليا في بريطانيا والولايات المتحدة ومصر والأردن.
وقد تدرج سوار الذهب في السلك العسكري حتى أصبح رئيساً لهيئة أركان القوات المسلحة ووزيراً للدفاع. وعند قيام انتفاضة أبريل عام (1985م) تسلم مقاليد الحكم في البلاد للخروج بها من أزمة سياسية، متعهداً بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة خلال سنة واحدة. وكان بارّاً بوعده، رفض البقاء في الحكم، واعتزل العمل السياسي ليتفرغ للعمل التطوعي الإسلامي وخدمة المسلمين، مسخراً لذلك كل طاقته وإمكاناته وفكره.
وشارك “سوار الذهب” بفكره وخبرته في كثير من المؤتمرات المحلية والإقليمية والعالميـة المهتمة بالعمل التطوعي والدعوة الإسلامية. وكان له دور كبير في دعم التعليم والعمل الصحي والاجتماعي في السودان، فهو رئيس مجلس أمناء جامعة كردفان، التي منحته درجة الدكتوراه الفخرية تقديراً لدوره في قيامهـا، ومؤسس كلية شرق النيل الجامعية، وأحد المساهمين في تأسيس جامعـة أم درمان الأهلية، وهو رئيس لعدد من جمعيات أصدقاء المرضى، وعضو في عدد آخر منها، ورئيس الصندوق القومي للسلام في السودان، ورئيس هيئة جمع الصف الوطني التي تُعنى بإيجاد الحلول للقضايا السودانية وفي مقدمتها قضية دارفور.
مُنِح المشير “عبد الرحمن محمد سوار الذهب” جائزة الملك فيصل لعام (1424هـ/2004م) ، تقديراً لجهوده العظيمة من خلال رئاسته لمجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، التي شيدت كثيراً من المدارس والمساجد والمستشفيات والمستوصفات ومراكز الطفولة وملاجئ الأيتام، كما حفرت كثيراً من الآبار ومحطات المياه في إفريقيا، إضافة إلى مساهمته الفعالة في الدعوة، محلياً وإسلامياً وعالمياً، وإلى تحلِيه بالصدق والوفاء بالوعد.