الديوان

القتل غير الرحيم : (العطالة).. موت الشباب بنصل حاد ومؤلم

يشكك كثيرون ضمنهم خبراء اقتصاديون وناشطون وباحثون في نسب البطالة التي تصدرها الجهات الحكومية الرسمية بين فترة وأخرى، ويقولون إنها غير حقيقية وأن النسبة أكبر من ذلك بكثير، وأنها قد تبلغ الـ(50%) وسط الشباب. وقال الناشط ” عبد الفتاح الضو” من الشبكة الاجتماعية “سوشيو نت” لـ(المجهر) أمس، عبر الهاتف، من أراد أن يتعرف على النسبة الحقيقية للبطالة بين الشباب، عليه أن يقوم بمسح بسيط وسط أفراد أسرته النووية أو الممتدة، وأضاف: إذا قام كل شخص بهذه التجربة، فإنه بالتأكيد سيصاب بخيبة أمل كبيرة فيما تقوله الحكومة، وأن النسبة قد تصل في بعض الأسر إلى ما يقارب الـ(100%)، وعلق: ما فيش حد شغال يا عم، والشغال ذاتو عاطل بس (مقنع).
أذن صماء
ولأن مشكلة البطالة صارت الأبرز خاصة بعد الزيادات الهائلة في أسعار السلع والخدمات، وتدهور موازنات العائلات، وازدياد نسبة الفقر، وعدم وجود معالجات حقيقية، فإن كثيرين ممن استطلعناهم وعلى غير عادة السودانيين رفضوا الحديث بحجة أنه لن يفيد (لا بودي لا بجيب) بحسب السيد ” عبيد مأمون” خريج هندسة منذ ثلاث سنوات، الذي أضاف: أنه لن يرهق لسانه في الحديث إلى أذن صماء في إشارة إلى الحكومة.
وفي السياق ذاته كان وزير الدولة بوزارة المالية والاقتصاد ورئيس اللجنة العليا لإعداد موازنة 2013م الوطني ” د. عبد الرحمن ضرار” أكد لـ(سونا) على إعادة هيكلة الموازنة على أن تكون قطاعية توازن بين القطاعات والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية واستصحاب البعد المالي والاجتماعي لتحقيق الأولويات، وأنها – أي موازنة 2013م – تستهدف معدلات نمو موجبة في الناتج المحلي، وخفض التضخم إلى حدود آمنة وتحقيق المرونة في سعر الصرف وزيادة في الإيرادات، وترشيد الإنفاق وتوسيع المظلة الضريبية ومراجعة الإعفاءات، والاهتمام بالجانب الإنتاجي لتوفير سلع معينة، مشيراً إلى أن أهم التحديات التي تواجه ميزانية العام 2013م، تتمثل في البطالة والدين الداخلي والخارجي ومراجعة القروض والضمانات التي تُقاس بقدرة الاقتصاد على سداد الديون.
والقادم مخيف
من جهتها قالت الباحثة الاجتماعية الأستاذة “سامية الجاك” في معرض تعليقها على تصور وزير الدولة للموازنة المقبلة الخاص ببند البطالة، إنه – أي الوزير – لم يضع خطة محددة لمكافحة البطالة في موازنته المقبلة، وأن مجرد الإشارة إلى أن البطالة تمثل أكبر مهدد وأهم تحدٍ ليس كافياً للتقليص عنها، وأضافت: هذا أمر يعرفه الجميع ولا يحتاج لمن يذكره به، وليس من (شغل) الحكومة أن تقول للمواطن أن البطالة أكبر تحدي، بل عليها أن تضع الخطط والبرامج والدراسات لمعالجة هذا الأمر الخطير والحيوي، واستطردت “سامية” قائلة: حتى وعود ولاية الخرطوم الأخيرة، القاضية بتوفير (25) ألف فرصة عمل جديدة بالتركيز على وسائط التمويل الأكبر والأصغر، الذي بلغ حتى سبتمبر المنصرم (2.027) مليار جنيه، تتعرض لاختبارات حقيقية على الأرض، حيث صار الناس لا يثقون بفعالية نظام التمويل الأصغر الحالي في تقليص نسبتي البطالة والفقر.
البطالة فقر ومرض
وأشارت ” سامية” إلى أنه على المستويين الاجتماعي والشخصي تمثل البطالة عاملاً فاعلاً ورئيسياً في زيادة الإحباط والاكتئاب والانحراف، وتخريب العلاقات الاجتماعية والأسرة، ليس ذلك فحسب، بل أن دراسة  صدرت مؤخراً عن جامعة (سيتي) بنيويورك الأميركية، أكدت على أن البطالة أو فقدان الشخص للوظيفة يمكن أن يكون مميتاً، لأن هذا الأمر يزيد خطر الإصابة بنوبة قلبية بنحو الثلثين، حيث اكتشف الباحثون في هذه الجامعة أن التوتر بسبب فقدان العمل، وإن البطالة تؤدي لارتفاع معدلات أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري وضغط الدم. وتعليقاً على الدراسة قال خبير العواقب الصحية لفقدان العمل بجامعة (سيتي) في نيويورك الدكتور “وليام غالو” إن هناك الآن دليلاً قطعياً للتأثير السلبي لفقدان الوظيفة على الصحة، وأكد أن الأمر يحتاج إلى المزيد من الدراسات لمعرفة الإجراء الذي يمكن اتخاذه لمنع تدهور صحة الناس بسبب البطالة، وختمت “سامية” قائلة: إن البطالة تعتبر نوعاً من القتل غير الرحيم، لذلك ينبغي ألا نتعامل معها بكل هذه اللا مبالاة وعدم الاكتراث.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية