المعارك الصغيرة
لا تزال تفاعلات التعديلات الأخيرة في الحكومة تسيطر على الساحة، وقاد الأستاذ “محمد لطيف” معركة حامية دفاعاً عن والي الخرطوم السابق الفريق “عبد الرحيم محمد حسين”، وذلك حق مشاع ومن الإنصاف أن يجد قيادي في قامة الفريق “عبد الرحيم” التقدير والثناء من قلم في قامة الأستاذ “محمد لطيف” الذي يبسط علاقاته الواسعة ما بين فصائل المعارضة وأعلى مراتب السُلطة، وهو أقرب الصحافيين للرئيس “البشير” ولا يزال بعيداً في ذات الوقت عن مفاصل وهياكل حزب المؤتمر الوطني.. إلا أن “محمد لطيف” يكتب دفاعاً عن “عبد الرحيم” وذماً ويرسل الاتهامات بلا سند إلى نائب رئيس “البشير” في الحزب د.”فيصل حسن إبراهيم” الذي صار حالة مثل “الخليفة المأمون” حينما حاصر خؤولته الترك حكمه وتغلغلوا لفراشه.. و”فيصل حسن إبراهيم” إذا تم اختيار وزير متفق على حسن اختياره نسب الاختيار إلى الرئيس.. وإذا غضب البعض على إعفاء عزيز لديهم ثاروا في وجه د.”فيصل” وأكلوا لحمه في المجالس والمنتديات وأوراق الصحف.. وفضاء الإعلام الجديد.
هل تم إعفاء “عبد الرحيم محمد حسين” من غير رضاء الرئيس؟ ومن يقدم مقترحات التغيير ويبتدر ترشيح الأسماء للمكتب القيادي؟ هل نائب رئيس الحزب أم رئيس الحزب؟ ولماذا لا ينتقدون ترشيحات الرئيس التي لا تصبح تعييناً قبل موافقة أغلبية أعضاء المكتب القيادي، وبذلك يصبح القرار للمؤسسة ولا أثر للأشخاص حتى لو كان الرئيس نفسه؟
هل كل القيادات التي اعتذرت عن تولي المناصب جاءت بترشيح من نائب رئيس الحزب؟ أم هي ترشيحات حزب وافقت عليها القيادة العليا؟ وكيف ينسب كل إخفاق إلى د.”فيصل” وحده ويتم تبرئة الآخرين من أعضاء المكتب القيادي الذين هم شركاء في أي قرار، وهل يستطيع أحد تقديم مقترح بإعفاء مسؤول تنفيذي من غير موافقة رئيس الجمهورية؟
إن ما حدث في التعديلات الأخيرة كانت مبادرة من الرئيس لتحسين الأداء وتطويره.. وضخ دماء جديدة في حكومة الوفاق الوطني، وعوضاً عن الحديث المرسل عن من كان وراء إعفاء فلان جدير بقادة الرأي العام مناقشة أداء وزراء الحكومة وولاة الولايات جهراً وتحت الأضواء الكاشفة؟ وبدءً من أداء رئيس مجلس الوزراء السابق وأداء والي الخرطوم الفريق “عبد الرحيم محمد حسين” هل كان ناجحاً في مهمته أم مخفقاً؟ وهل تدخل حزب المؤتمر الوطني في شأن خاص بالولاية؟ أم شعر الحزب ممثلاً في نائب الرئيس د.”فيصل” إن الأزمات المفتعلة للخبز والبنزين والغاز أصبحت مهدداً لوجود الحكومة نفسها، وبعد تدخل الحزب والدفع بقيادات مثل “عبد الرحمن الخضر” و”كمال عبد اللطيف” وغيرهما للمحليات أثناء فترة العيد الماضي انفرجت أزمة الخبز التي تسببت فيها حكومة الجنرال “عبد الرحيم” فهل كان مطلوباً من د.”فيصل” أن ينتظر في مكتبه حتى تخرج الجماهير للشوارع وتقتلع الغضبة الجماهيرية النظام؟ أم يتصدى لقصور ولاية الخرطوم ويدعو لاجتماعات غاب عنها الجميع، والي الخرطوم الذي نظر الرئيس وقدر أن تبديله قد آن.. ليذهب لاستراحة أخرى ريثما يعود في مقبل الأيام.