تضليل “الدقير”
اختار رئيس حزب المؤتمر السوداني “عمر الدقير” لغة التضليل وهو يتحدث عن واقعة أحداث منطقة (تربا) بجبل مرة التي تعرضت لانكسارات وجرف لصخور جبل مرة خلفت وضعاً مأسوياً، حيث قتل في الحادثة أكثر من عشرين مواطناً وأصيب آخرون ولا تزال تحت الصخور جثث لضحايا الحادث الذي تسببت فيه الأمطار التي هطلت بغزارة في جبل مرة.
الأستاذ “عمر الدقير” لم يتحل بالصدق ولا النزاهة في القول وهو يذرف الدموع على ضحايا جبل مرة.. يتكئ على حائط الحكومة ويحملها مسؤولية الواقع المأسوي الذي تعيشه المنطقة، ويقول “الدقير” في حديث نشرته صحيفة حزبه (أخبار الوطن): (تنظر حكومة حزب المؤتمر الوطني لما حدث كأنما الأمر لا يعنيها بعد أن أدمن رئيس وزرائها التصريحات والوعود بالإصلاح والنهضة والحديث عن حسن إدارة الوقت وترتيب الأولويات، ولم ترد في أولويات أجهزة إعلامه مجرد كلمة ترحم أو مواساة أو حتى نشر معلومات للرأي العام عن الكارثة وضحاياها، والمعلومات الواردة من موقع الكارثة تشير إلى أن أعداداً كبيرة من العائلات في حاجة للغذاء والكساء والمأوى ويعيشون ظروفاً قاسية مع تواصل هطول الأمطار وتدفق السيول).. حديث “الدقير” تضليلي للرأي العام واصطياد في عكر مياه جبل مرة، إذ كان حرياً به توجيه الإدانة أولاً للتمرد الذي يتخذ من مواطني جبل مرة (سجناء) يستغلهم كدروع بشرية ومصدات تحول دون القضاء على مليشيات “عبد الواحد محمد نور” التي تتحمل بالكامل المسؤولية الأخلاقية بحرمان السكان المنكوبين من تلقي الإغاثة وخدمات العلاج، وقد احتجزت قوات التمرد الأهالي وحرمتهم من الوصول لمناطق سيطرة الحكومة في دربات بشرق جبل مرة.. والمنطقة التي شهدت الكارثة- أي (تربا)- تقع تحت سيطرة قوات حركة تحرير السودان والتي لا تسمح بدخول أحد إلى تلك المنطقة.. ورفضت حركة تحرير السودان بقيادة “عبد الواحد” الاستجابة لدعوة الشراتي والشيوخ بالسماح لأهالي الضحايا بالوصول إلى (تربا) دعك عن حكومة الولاية التي لا تملك قدرة الصعود بخدماتها إلى الضحايا إلا بموافقة المتمردين الذين يمارسون كل أنواع الطغيان والجبروت.. وحتى وقف إطلاق النار الذي أعلنه “عبد الواحد” الأسبوع الماضي من طرف واحد كان موجهاً في الأساس إلى المنظمات الطوعية العالمية فقط.. ويرفض “عبد الواحد” دخول المنظمات السودانية.. فكيف الوصول إلى (تربا) في مثل هذه الظروف؟؟
أخلاقياً السيد “عمر الدقير” مسؤول أيضاً عن تقديم المساعدات إلى ضحايا أحداث (تربا).. فالأحزاب السياسية هي مؤسسات مجتمع مدني تنهض بخدمة المواطنين وإغاثتهم ولا تنتظر فقط أصواتهم في الانتخابات ودفعهم للاحتجاجات.. وكان حرياً بحزب المؤتمر السوداني جمع التبرعات وتسيير قافلة إغاثة إلى جبل مرة من أجل مسح دموع الثكالى ومخاطبة أهلها، وحشد الأطباء لتقديم خدمات العلاج للمحتاجين.. إذا كان “الدقير” يعتقد أن الحكومة قد تقاعست عن واجبها وتركت فراغاً فهي فرصة للمعارضة لتذهب بنفسها لجبل مرة وتقدم خيرها لأهلها.. وليت “الدقير” يتذكر دور الجبهة الإسلامية في أحداث الكرمك وفيضانات 1988م، أما الحديث عن حكومة المؤتمر الوطني فإن الرجل لا ترى عينه أحزاباً مثل الاتحادي الديمقراطي وحزب المؤتمر الشعبي لرمد أصابها أو غشاوة مستها وأصبحت لا ترى إلا من تبغض.