شهادتي لله

” كسلا ” .. نموذج التقاعس !!

في اجتماع رئيس الوزراء السيد “معتز موسى” أمس مع مجلس وزراء حكومة ولاية كسلا، تحدث البروفيسور “تاج الدين محمدين” الطبيب الباحث الذي شخّص المرض المنتشر بكسلا منذ أكثر من شهر على أنه حمى “الشيكونغونيا” ، وأكد بشرح علمي تفصيلي سلامة تشخيصهم بعد إجراء فحوصات معملية دقيقة ، وأوضح أنه ظل متواصلاً مع مدير عام الصحة بولاية كسلا حتى سفره إلى الحج .
دكتور “تاج الدين” توصل إلى أنها حمى “الشيكونغونيا” يوم(8 أغسطس) ، ثم جاء الفحص المعملي لعديد الحالات مطابقا لتشخيصه يوم(12 أغسطس) .
المؤسف أن الوباء انتشر طوال الأسابيع الثلاثة من شهر أغسطس والأسابيع الثلاثة من شهر سبتمبر الجاري ، وارتفعت الحالات من (50) حالة إلى(500) حالة ثم إلى أكثر من(10000) حالة .. الآن ، وما يزال والي كسلا السيد “آدم جماع” ووزير الصحة بحكومته يكابرون ويتكتمون على عدد الوفيات .
صحيح أنه مرض غير مميت في حد ذاته، كما قال الدكتور الذي قدم التقرير بين يدي رئيس الوزراء القادم من الخرطوم ، وكما قال غيره من أطباء أمراض المناطق الحارة ، لكنه أكد أيضاً أن مضاعفات المرض مع أمراض أخرى مزمنة كالسكر والقلب وضعف المناعة ، وإصابة الأطفال حديثي الولادة قد تسبب الموت .
ونحن نعلم أن الملاريا الشائعة في السودان قد تسبب الموت ، والتيفويد ، وانفجار الزائدة الدودية ، ومضاعفات بعض الكسور ، وغيرها من الأمراض التي تعود عليها وعلى مغالبتها المواطن السوداني ، فالموت ليس بالضرورة أن يكون بداء السرطان ، أو تليف الكبد ، أو جلطة الدماغ ، وذبحة الصدر ، لأنه قدر مسطر ومكتوب ؛ أن يموت هذا لعرض طفيف ، ولا يموت ذاك لسنوات طويلة رغم معاناته مع مرض عضال .
وعليه ، فإن المطلوب في حالات الوبائيات ، عندما يضرب مرض مئات الأشخاص ، المطلوب التعامل معه بجدية وهمة عالية دون تباطؤ وتقاعس كما حدث في كسلا من يوم (8 أغسطس) وحتى يوم أمس، تاريخ زيارة رئيس الوزراء للمدينة المنكوبة .
بدأ الرش بالطائرات أمس فقط ، وليس يوم (15 أغسطس) ، ولا يوم(20) ، ولا يوم(30) من ذات الشهر ، ولا رشوا في الأسبوع الأول من سبتمبر، ولا الثاني ،حتى تجاوزت الإصابات عشرة آلاف حالة !! مع أن تكلفة عملية الرش لا تتجاوز ثلاثة ملايين جنيه !!
إن تكتم الوالي وحكومته على نسبة انتشار المرض وعدد الوفيات أدى إلى تفاقم الأوضاع الصحية بالولاية ، فبدلاً من أن يتدخل المركز عبر وزارة الصحة الاتحادية من الأسبوع الأول لظهور الوباء ، يتدخل اليوم بعد نحو شهر ونصف الشهر !!
كما أن وزارة الصحة الاتحادية كانت بعيدة عن الحدث وغائبة ولم تتدخل وفق مسؤولياتها الاتحادية ، دون حاجة إلى استدعاء من الولاية ، إلا بعد تدهور الوضع بصورة مأساوية ، وهذا يكشف خللاً واضحاً في آليات المتابعة والتنسيق التي يفترض أن يقودها الوزير السابق ووزيرة الدولة السابقة والوكيل الحالي .
الأزمات دائماً تكشف قدرات الولاة وإمكانيات حكوماتهم ، وقد عرت هذه الأزمة حكومة كسلا تعريةً تامةً

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية