أخبار

خربشات

(1)
في آخر أحاديث المهندس “عبد الله علي مسار” ، رئيس حزب الأمة الوطني قال: (حزب المؤتمر الوطني أخذ مطايب اللحم وأعطانا المصارين والكروش)، السيد “مسار” يندب حظه وينتظر لقسمة السلطة من ثقب صغير جداً في جدار الوطن المسكين!! لم تسعف “عبد الله مسار” ثقافة الجيل الذي مضى من حزب الأمة جيل “محمد أحمد المحجوب” وحتى الراحل د.”فضل علي فضل الله” ، الذين يملكون ناصية اللغة.. وحسن التعبير.. وجزالة الألفاظ قبل أن ينحدر الساسة في بلادنا إلى أسفل وتصبح لغة (الراندوك) هي الوسيط التعبيري للوصول إلى القراء.. وبعيداً عن اختزال السيد “مسار” مشروع المشاركة في المغانم الذاتية..والمكاسب الصغيرة فإن “مسار” يعبر حقاً عن هذه المرحلة التي سادت في ساحتها مفردات غريبة وعجيبة.. وتعابير أقرب للغة السوق والجزارين بعد أن نضب معين السياسيين ولم تسعفهم ثقافاتهم المتواضعة في ثراء اللغة العربية وتعدد مدارسها.. ما بين المغرب والمشرق والخليج والشمال والسودان.. وإذا ما بُعث “الناصر قريب الله” من قبره لذرف الدمع على اللغة العربية، ولو عاش فراج الطيب” حتى عهدنا هذا لمات حسرةً على اللغة العربية.. وبالمناسبة (المصارين) تسمى في اللغة العربية بالأعفاج، وقديماً رثى شاعر من الجاهلية إعرابياً يدعي “أوف بن منصور” ووصفه بالشحيح البخيل فقال:
ما كنت أحسب أن الخبز فاكهةً
حتى نزلت على أوف بن منصور
حابس الروث في أعفاج بغلته
خوفاً عليه من لقط العصافير
المهندس “عبد الله مسار” يعتبر ما تفضل به عليه المؤتمر الوطني من تنازل عن دائرة عسلاية.. ومنصب وزير في شرق دارفور وآخر في جنوب دارفور ورئاسة لجنة في البرلمان أقل مما يستحقه الحزب!! ، ماذا لو ترك المؤتمر الوطني حزب “مسار” يمشي وحده ويخوض الانتخابات (بضراعه) ويدخل البرلمان بعرق جبينه، ماذا يحصد حزب الأمة الوطني؟؟ هل بمقدوره أن ينال دائرة بعسلاية.. في انتخابات المجلس التشريعي بشرق دارفور؟؟ نعم “مسار” وقف مع المؤتمر الوطني في أيام عسره.. وشق حزب الأمة القومي.. ولم يترك لـ”الصادق المهدي” (جنبة يرقد عليها)، ولكن نال من المناصب أكثر مما يستحق.. و”مسار” نفسه ظل يتنقل من موقع لآخر كالفراشة بين الأزهار.. فهل كان الرجل يطمح في ما هو أعلى من رئيس لجنة بالبرلمان ووالي بنهر النيل ووزير بالإعلام، يعجبني في تجربة د.”أحمد بلال عثمان” الأدب الرفيع والقناعة بالمقسوم من النصيب والحديث البليغ دون تزيد أو تضخيم للذات.
(2)
لو لم يكتب الشاعر “بابكر الطاهر” إلا قصيدة “ليلة وداع” لكفى.. وقد نال الشاعر من قلوب العشاق.. وخلد كلماته “زيدان إبراهيم” المطرب الذي جمع بين التطريب.. والشجن.. وجزالة الكلمات، وكل أغنيات “زيدان” مسكونة في مفاصلها بالحزن.. إلا كلمات “بابكر الطاهر” فكانت هي الحزن.. والشاعر يرسم بقلمه صورة ناطقة لحب لما انتهت أيامه بحسرة وضياع ، وقد تخطف المحبوبة عريس هبط فجأة من دنيا الاغتراب والمال الذي يبحث عن الجمال.. في تلك الليلة وجد الحبيب محبوبته تجلس بجوار زوجها بعد أن لفظته وتركته للضياع فكتب بمداد الأسى والحزن..
في الليلة ديك ما هان علي
أرضى وأسامحك
ولا هان علي أعتب عليك
شلت الجراح والابتسامة
وكل حرمان اليتامى
جيت أهنيك وأصافحك
جيت أقول مبروك عليك..
إنها صورة ناطقة بالحزن والشجاعة.. والصبر على الفراق.. والجراح نازفة والابتسامة التي تسربت بين الشفاه لتغطي على الحزن الدفين.. ومد يده ولكن هزمت جراح النفس قوى الجسد..
مديت يميني ما قدرت قدامك أقيف
ورجعت حابس أدمعي .. في الليلة ديك
وليلة “بابكر الطاهر” لا نظير لها إلا ليلة انتظار عبر عن وحشتها “صلاح بن البادية” في رائعته (طال انتظاري في ليلة السبت) ، في يوم الفرحة شعر الشاعر بالغربة، ولكن الغربة الحقيقية تسربت ما بين عيون الحبيبة الجالسة في ثياب زفافها..
في الليلة ديك والناس تشارك فرحتك
حسيت بأني غريب هناك وغريبة أنت في دنيتك
حسيت معاني الفرقة حسيت بالوجود
شفت الدموع خلف الرموش محبوسة بي حسرة وضياع
ورجفة الكف الخضيب مكبوتة بحسرة وضياع
يا لها من أغنية دغدغت مشاعر العذارى ونسجت خيوط الحزن في ليل العاشقين الطويل.. ورحم الله “زيدان إبراهيم” عندليبنا الذي رحل بجسده وخلد بفنه وأغنياته التي تنسج موال الفرح فينا.
(3)
شهد الأسبوع الماضي ميلاد المعارضة العلنية لمجلس إدارة نادي الهلال، والصحيح معارضة رجل الأعمال “أشرف الكاردينال” رئيس النادي.. ومن أعلن ميلاد المعارضة هو الحليف السابق لـ”أشرف الكاردينال”، رجل الأعمال “الأمين البرير” رئيس الهلال السابق، وتعود أسباب علنية معارضة البرير” لحليفه السابق لمنهج “الكاردينال” الإعلامي في النيل من رموز الهلال السابقين.. والتقليل من شأنهم وفتح أبواب القناة التي يملكها “الكاردينال” باسم الهلال للهجوم على الآخرين.. و”البرير” في أول انتخابات جرت بعد استقالته وعجزه عن إدارة النادي وسداد الديون التي أقعدت به.. خاض “الأمين البرير” الانتخابات لصالح “الكاردينال” لإسقاط “صلاح إدريس” ، وورث “الكاردينال” كل رصيد “البرير” الانتخابي وطاقمه الإعلامي بغضاً في “صلاح إدريس”، واليوم تفترق الخطى وتنقلب الصداقة إلى عداوة بين الرجلين، والهلال كفريق لكرة القدم في أضعف حالاته.. والهلال إدارياً يسيطر عليه “الكاردينال” وحده.. وجماهيرياً انفضت الجماهير عنه.. وحتى المؤتمر الوطني الذي وقف مع “الكاردينال” ووجه منسوبيه داخل النادي بالتصويت له (قنع من خيراً فيه) وأخذ يقلب في خياراته للانتخابات القادمة بعد أن فشل “الكاردينال” في النهوض بفريق كرة القدم.. وعهد على إحداث شروخات عميقة وسط الأهلة.. ولذلك معارضة “الأمين البرير” إذا ما وجدت الدعم والسند من “صلاح إدريس”، والمهندس “الحاج عطا المنان”، و”محمد حمزة الكوارتي”.. وآخرين من أقطاب النادي لن يبقى “الكاردينال” طويلاً في رئاسة الهلال، خاصة وأن ضعف فريق كرة القدم وعدم استقرار النادي والتسجيلات العشوائية ومحترفي (السيدهات) وتجار الشنطة كلها أسباب تعجل برحيل “الكاردينال” من رئاسة النادي قريباً جداً.. خاصة وأن الرجل ربما تفاجأ بتطورات قانونية بعد بطلان رئاسته لنادي الهلال دستورياً.. وكل جمعة والجميع بخير.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية