الاغتصاب
{ تعددت جرائم الاغتصاب وسط الأطفال بصفة خاصة، وتشابهت الاعتداءات ما بين الأبيض، حيث شهدت المدينة واحدة من أبشع جرائم الاغتصاب الأسبوع الماضي، وما بين القضارف الشهر الماضي، وعطبرة ، والخرطوم، التي لا تخلو يوميات الشرطة أسبوعياً من تسجيل وقائع اعتداء جنسي على الأطفال في المدارس ورياض الزغب الصغار وحتى الخلاوى اعتراها المرض وغشاها ويقبع الآن في الحراسات شيوخ متهمون بجريمة الاعتداء الجنسي على الأطفال.
{ يوم (الجمعة) تجمع المئات من المواطنين في ميدان الحرية بالأبيض بعد سريان شائعة عن عزم السلطات رجم مغتصب الطفلة وقاتلها “أمنية عثمان آدم” في الميدان ورجمه بالحجارة، بعض الغاضبين بحثوا عن حجارة يقذفون بها المغتصب تعبيراً عن حالة الغضب التي سرت في أوساط المدينة المتسامحة، لكن مدير عام قوات الشرطة بدد الشائعة وتفرق المواطنون ونفوسهم يعتصرها الألم والغضب والحزن على الطفلة الشهيدة (أمنية) ،التي فقدت روحها بفعل ذئب مغتصب .. الظاهرة التي تنامت في المجتمع السوداني لم تجد حظها من البحث في أسباب انتشارها .. ولا طرق علاجها .. غير الحديث عن القانون الرادع.. والعدالة الناجزة وعلنية المحاكمات .. ومجتمعنا الذي تسيطر عليه (العقلية القانونية) يبدو عاجزاً عن النظر إلى أعلى .. ودراسات أسباب بروز الظواهر الاجتماعية السالبة.
{ في السودان إذا تصاعدت أسعار الدولار .. وانخفضت قيمة العملة الوطنية يلجأ الناس إلى البحث عن ردع القانون للمتلاعبين بقوت الشعب وعملته الوطنية المقدسة ، ولا يرهقون أنفسهم في البحث عن الأسباب الاقتصادية التي جعلت العملة الوطنية تتقهقر والأجنبية تتقدم.. تذهب عبقرية المسؤولين لتعديل القانون.. وحبس المتاجرين في العملات .. وقد بلغ الشطط بأحد المسؤولين بالبنك المركزي تقديم مقترح (بإعدام) كل من يمارس تجارة العملة..وإذا زادت نسب جرائم تجارة المخدرات لا يسأل المسؤولون عن أسباب انتشار تعاطي المخدرات وكيفية الحد من ذلك تربوياً .. فقط يشددون من فرض العقوبات على المتعاطين والمروجين ولا يكلفون أنفسهم مشقة الإصلاح الاجتماعي والتربية، التي هي الدواء المفقود عميق الأثر .. طويل الأجل.
وتفشي ظاهرة الاغتصاب له علاقة مباشرة بانتشار تعاطي المخدرات وسط الفئات العمرية دون الـ(40) سنة، وتعاطي المخدرات على صلة وثيقة جداً بالبطالة واليأس والفقر والجوع .. وفقدان الأمل في حياة أفضل، وكل ذلك له أسبابه السياسية والاجتماعية.. والاقتصادية، وتفشي السرقات والاعتداء على المال العام مرتبطان بعجز دولة الرعاية الاجتماعية عن الوفاء باستحقاقات المواطنين، والفجوة الكبيرة بين الدخول والمنصرفات .. والدعوة لدراسة الظواهر الاجتماعية التي أطلت برأسها في السنوات الأخيرة بالطبع لا تعني ألا يطال العقاب المجرمين وتنفيذ حدود الشرع دون خوف أو رهبة.. ولكن ثمة حاجة بعد ذلك إلى الدراسات العميقة لأسباب تنامي الظاهرة ؟؟ ومن ثم معالجة جذورها .. وفي دولة المغرب وحكومتها – العلمانية- ابتدعت عقوبات في القانون بإخصاء المغتصبين جراحياً أو حقنهم بهرمون يقضي على رغباتهم الجنسية، في محاولة من حكومة “سعد الدين العثماني” استئصال الظاهرة التي هددت المجتمع المغربي، ولكنها ،أي المغرب، استبدلت مشكلة بأخرى أكثر ضرراً بالمجتمع، فمتى تنهض جامعاتنا على كثرتها بمسؤوليتها بدراسة أسباب تنامي ظاهرة الاغتصاب كمساهمة في حل المشكلة؟.