*أقلام الرصاص.. المحبرة.. والأحلام و(هزارهم الطفولي).. (أرح نفطر عند ماما نفيسة).. (مسألة الرياضيات دي وقفت لي.. حليها لي يا مشاعر).. (أبوي قال ح يجيب لينا خروف العيد بعد بكرة).. (ما بتعرفي تسرحي كويس يا رهام)..
*وأصوات من تحت الموية تتناجى بآخر الأنفاس: (فطومة تعالي لي).. وفطومة بخصلاتها المتباعدة وبسمتها البيضاء تتشبث بلوح خشبي أكلت الأرضة أطرافه.. وتشرق بالموية التي ابتلعتها وتصيح لأخواتها (توسل انتي وين؟.. جواهر جمبك؟…) ولا ترد “توسل ولا ريم ولا براءة ولا مشاعر ولا الروضة ولا سحر”.. لأن النيل لفرض حبهم لهن ابتلعهن في جوفه.. أو كره انو تفارقو البراءة دي.. وآثر أن يحتفظ حتى بجثامينهن حتى الآن..
*وأقلام الرصاص.. و(علب الهندسة) و(الألوان) و(كراس رسم أبيض مرسوم فيهو جدول ونخلة وبحر)، استقروا في بطن البحر.. الذي تلاشت في جوفه (الضحكات والبسمات والشخبطة في الكراريس).. وتحولت الآهات والحشرجات الصغيرة التي كانت آخر ما نطق به هؤلاء الأطفال إلى (الوطن الواسع) وهو يستغيث.. (أن كلنا نغرق).
*وصنت عيونهم.. ولكنهم تركونا في نحو شلالات من الحزن والألم والفاجعة والدمع الحار..
*وتلد التفاصيل الصغيرة لهذا المستقبل الذي ابتلعه (البحر) شجناً رهيباً من الوجع.. والبكاء الصامت.. والدموع المتحجرة في المآقي..
* والدمع (الانذرف) في وفاة (22) تلميذاً وتلميذة.. لن يكون شيئاً أمام فؤاد أم التلميذات الخمس اللائي كن يزرعن بيتها حباً وشفقة وشقاوة.. ويمنحن لوالدهن طعم الحياة ومذاقها.. وربما يتجول الآن والدهن في أرجاء البيت يقلب (فراش “ريم التاي” قد تكون تنام بجانب شقيقتها “رهام”.. وتصلح والدتها زرار “توسل”.. وكيف بالله حال قلب والدهم الآن وهو لطالما ناجاهم في سره: (ﺗﻜﺒﺮﻱ ﺇﻧﺘﻲ ﺗﺸﻴﻠﻲ ﺣﻤﻠﻨﺎ.. ﻭﺗﺰﻳﺪﻳﻨﺎ ﺗﺮﺍﻧﺎ ﻛﻤﻠﻨﺎ).
* ويموت المستقبل أمامنا كل يوم.. ومعه يموت معنا كل عشم في أن نهب من عثراتنا..
* وأطفالنا الذين نأمل منهم مثلما تنبأ “الشريف محجوب” حيبنوا مدائن ضو .. ما بيعكر صفو الجو صفارة حرب .. يشطبوا من قاموس الدنيا
(الضرب.. الشك.. الخوف) ينعموا كم بالشم.. والشوف.. هم في الحقيقة ينعمون بجوار ربهم حيث لا يظلم أحد..
*ولن يعبأ برحيلهم أحد لأن الإعلام والأجهزة التنفيذية وحتى الإعلامية لدينا مشغولة بأمور أخرى..
*ماهو الشيء الذي يمكن أن يكون اسوأ من موت (22) تلميذاً وتلميذة، في طريقهم إلى مدارسهم، لكي تستقيل وزيرة التربية والتعليم..
*وماهو الأمر الذي يجعل أغلب قنواتنا تؤثر نقل أخبار المؤتمرات الباردة والأخبار البروتوكولية.. وقلب الشعب منكسر وهو يرى مستقبله يسحق أمام ناظريه..
* والعالم يبكي من حولنا وقناة العربية تنعيهم بلسان الفلسطينية “منتهى الرمحي”، بأحرف من دمع وهي ترتدي السواد.. ولكن زميلتها السودانية في ذات القناة وفي ذات اللحظة تنشر لها صوراً رومانسية وهي تناجي الحمام.. وحمام الموت يحصد أرواح أبنائنا.
*فهل نتعشم في غدٍ أفضل؟
* والجاي أعتى من اللي فات..