شهادتي لله

لك الله يا وطني .. !

حال الناس في مواقف المواصلات بالخرطوم وأم درمان .. وبحري هذه الأيام يدعو للحزن و الأسى .. والأسف .
الآلاف .. نساء و رجالاً .. طالبات و طلاباً وعمالاً .. يقفون بالساعات الطوال انتظاراً لمركبة عامة تقلهم إلى مواقع عملهم ، دراستهم ، أو سكنهم عند الإياب ، فلا يجدون ، إما بسبب عدم توفر الجازولين للحافلات والبصات حتى بعد استحداث نظام (الكروت) البائس ، أو بسبب هروب الحافلات من الخدمة لصعوبة الحركة في شوارع غارقة بالأمطار .. تمور بالحفر !!
الوضع في الخرطوم أمس (الخميس) كان مأساوياً جداً، و زاده سوءاً (الربكة) المرورية التي كانت سيدة المشهد في معظم شوارع العاصمة خلال اليومين الماضيين، إثر توقف إشارات المرور في الكثير من التقاطعات لأعطال كهربائية .
مأساة رأيتها في عيون الناس وهم راجلون وهم واقفون ، يندبون حظوظهم العاثرة في بلد بلا وجيع !!
رأيت الحسرة والإحباط تتبدى في وجوههم المغبرة، رغم أنني لم أكن منتظراً حافلةً لتقلني إلى حيث أقصد ، ولكنني مررت بهذه المواقف – المكانية والنفسية – كثيراً وأعرفها جيداً ، فنحن من رحم هذه المعاناة خرجنا ، ومن صلب هؤلاء الغلابى طلعنا .
غير أنني ما كنت أظن أن هناك حاجة ماسة تفرض على كل (جيل) سوداني أن يتلقى هذه الدورات القاسية والمكثفة في المعاناة حتى في المواصلات ، كنا نظن أنها أزمات تتعلم منها الإدارات والحكومات في بلادنا ، فإذا كنا قد تعودنا أن نستقل (الدفارات) و(البرينسات) ونتعلق بسلالم بصات (أبو رجيلة) المدفوسة بالبشر (شماعات) ، في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ، فليس بالضرورة أن تتكرر ذات المأساة في أغسطس(2018) ، لأن الدول التي كانت تعاني معنا ذات المصاعب في الثمانينيات مثل ” ماليزيا ” ، صارت اليوم دولة عظمى و(نمراً) اقتصادياً كبيراً ، ليس فيها أي ملمح ولا في الخيال لما يحدث اليوم في خرطوم صفوف الجاز .. والرغيف .. والبنوك العاجزة حتى اليوم عن منح المودعين ألوفات من مالهم .. ثم صفوف المطر ويا للعجب .. نعم صفوف المطر .. حيث لا شوارع .. و لا أستوبات .. ولا شرطة مرور !!
منتهى الفشل .. منتهى الإحباط .. منتهى القبح .. و السقوط .
لك الله يا وطني .

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية