تعجبت لخطوة المجلس الوطني بمنعه الصحافيين من تغطية أنشطته في الإجازة، والاكتفاء بفتح أبوابه للأجهزة الرسمية لنقل ما يدور، مبررات واهية صاغها البرلمان لإصدار هذا القرار المعيب، والذي يتنافى تماماً مع دوره الذي يحتم عليه إطلاع الرأي العام على كل ما يدور من أنشطة، لسبب واحد أن من جاء بهؤلاء النواب الذين يمثلون عضوية المجلس الوطني هو الشعب، أي المواطنون في جميع أصقاع البلاد.
تخيل لي وأنا أقرأ البيان البرلماني أنه صادر من وزارة أو مؤسسة والتي دائماً ما تقع عليها المساءلة من قبل البرلمان، حيث إن الدستور حدد للجهاز التشريعي مسؤولية الرقابة والتشريع والمتابعة والمساءلة للجهاز التنفيذي، والذي يمكن أن يشوب أداءه التقصير.
فإذا كان من حرك هذا الإجراء المعيب على علم بطبيعة عمل المجلس الوطني وجعله واقعاً، فإن هذه مصيبة، أما إذا كان لا يعلم فهذه هي المصيبة الأكبر.
التقاليد البرلمانية لم تجعل من مكتب رئيس اللجنة في المجلس الوطني، والذي يوازي الوزير في الجهاز التنفيذي، مكتباً خاصاً، وإنما لكل عضوية اللجنة من نواب المجلس، وذلك لأن طبيعة العمل البرلماني مفتوحة، صحيح اجتماعات اللجان بحسب اللائحة مغلقة على الإعلام، ولكن أخباره ليست بسرية للإعلام، فلماذا تنتهكون اللائحة، والبرلمان سيد القانون والتشريع، وتقومون بمنع الشعب من الإطلاع على ما يدور؟
على كل حال أتمنى أن لا يكون هذا القرار صادراً من القيادات البرلمانية، لأنه سيرتد عليهم كمجلس موقر عندما يستدعون أي وزير للمساءلة، ولا يجدون سبيلاً لنقل أوجه القصور التي وقفوا عليها عبر وسائل الإعلام والصحافة على وجه الخصوص، فمثلما أن دور البرلمان رقابي فإن ذات الدور تقوم به الصحافة وليس التلفزيون أو الإذاعة، فمن باب أولى للمجلس الوطني أن يعزز من شراكته مع الصحافة لتغطي له جزءاً من دوره الذي ينبغي أن يقوم به، وأن تكمله حتى يطمئن المواطن البسيط من حسن أداء ممثله في البرلمان، اللهم إلا إذا أرادت قيادة المجلس توزيع وجبات إخبارية جاهزة الشعب السوداني في غنى عنها، وستدور الدائرة ويعرف الناخبون كيف أنكم حولتم المجلس الوطني إلى أداة تنفيذية، تُخرج ما تشاء من نشاط للرأي العام وتخبئ ما تريد.. والله المستعان.