الديوان

السيدة "أم جقر إبراهيم"… طبقان من المدمس والتسالي يساويان ألفي شجرة هشاب و(3) لواري

تبدو السيدة “أم جقر” أكثر شباباً رغم أنها قد بلغت العقد الرابع من عمرها، وهي متزوجة وأم لستة من الأبناء، تعمل وترعى أسرتها دون كلل أو ملل، لذلك تمكنت من أن تكون إحدى ثريات السودان، وأن تبلغ مصاف النساء الرائدات بالريف وتسجل اسمها بأحرف من نور ضمن الكادحات المميزات والمثابرات، وتنال شرف بلوغ الجائزة الأولى على جميع قريناتها المتنافسات من بقاع السودان المختلفة.
(المجهر) جلست إلى السيدة “أم جقر” للتعرف عن قرب على تفاصيل حياتها في ذاك الريف البعيد (محلية تلودي)، وسألتها كيف استطاعت تطوير عملها وتشجيع نساء الريف على العمل الدؤوب وإشاعة روح المنافسة بينهن؟!
{ الاستثمار في طبقين
تقول “أم جقر” إنها تركت المدرسة من أجل العمل لتعين أسرتها وترعى إخوتها بعدما أصيب والدها بالعمى، وظلت تساعد جيرانها وأهلها (المساكين) على حد تعبيرها، فكانت بداية عملها مستثمرة في (طبقين)، واحد لـ(الفول المدمس) والآخر لـ(التسالي) تبيعه بسوق (عتبراية) ووقتها كانت بالصف الأول الابتدائي، قبل أن تترك الدراسة لتحقيق رغبتها في العمل بالسوق.
وأشارت “أم جقر” إلى أنها اتجهت للزراعة مبكراً، فكانت تزرع (البامية، اللوبيا، الفول السوداني والسمسم)، وبعد الحصاد تبيع محصولها في السوق، وأضافت: بعد ذلك عملت في التجارة بالطماطم، اشتري صندوقاً واحداً وأطرحه للبيع في سوق (ود بندة) وهي البلدة الشهيرة التي قتل فيها قائد حركة العدل والمساواة “خليل إبراهيم”، وهكذا إلى أن أصبحت اشتري (قفة خضار) تحوي إلى جانب الطماطم خضروات أخرى مثل (الجرجير والعجور والتبش والفجل والبصل) فكبر رأس مالي، ما شجعني على مواصلة العمل رغم المعاناة التي اكتنفته، حيث كنت أذهب على قدمي مسافة (4 ساعات) لشراء الخضار، وعند العودة استأجر عربة كارو، لذلك اسمحي لي أن أشكر التاجر “صديق محمد علي” الذي ساعدني وساندني كثيراً.
{ خطوة أخرى.. والنجاح الكبير!!
 بعد أن تحسن وضعها المالي أصبحت تشتري مأكولات، زيت، بصل، سكر وشاي، وغيرها من المواد الغذائية. ولم تتوقف عن العمل حتى بعد زواجها وإنجابها، إلى أن استطاعت أن تمتلك متجراً خاصاً بها في سوق (ود بندة) تعرض فيه بضاعتها.
كثير من الصعوبات تعرضت لها “أم جقر” في مسيرتها العملية، خاصة وأنها تملك مزرعة في منطقة متوترة تقع في حدود محليتها مع دارفور، وسبق أن تعرضت مزرعتها للنهب ثلاث مرات، كما أن بيتها وعربتها تعرضا للنهب المسلح أيضاً لكنها لم تهرب ولم تستسلم، لأنها امرأة ضد  الرعب والخوف، كما تقول عن نفسها ويشهد لها الآخرون.
 تقول “أم جقر”: الأمن كان غير مستتب خاصة في منطقتنا، ولكن بعد معركة خليل أرسلت الحكومة عدداً كبيراً من قوات الأمن والجيش بجانب الشرطة. وتضيف: انتشار وسائل الاتصالات سهل كثيراً من مهمة التبليغ في حالة الخطر، مشيرة إلى أنها أصبحت تتواصل مع أسرتها وزملائها في السوق حال حدوث أية مشكلة وتطلب الحماية منهم. وعن كيفية الوصول إليها واختيارها حتى تشارك في هذه المسابقة (اليوم العالمي لنساء الريف)، كشفت عن أن جارتها بالحي، وهي عضو في اتحاد المرأة السودانية، وكانت معجبة جداً ببساطتها وبعملها المتطور في خدمة النساء في السوق، هي التي رشحتها للمسابقة، خاصة بعد أن وصلت لزراعة (450 مُخمس) من السمسم، الفول، البطيخ، الخضروات، الدخن، إضافة للفواكه الحمضية، و(2) ألف شجرة هشاب، ولها (80) رأساً من الضأن (50) منها ماعز، وعدد من الحمير، وثلاث عربات لوري.
{ إنارة القرية ومصنع الألبان
في السياق، التقت (المجهر) بالسيدة “ثريا أحمد الشريف” عضو اتحاد المرأة بشمال كردفان التي رشحت “أم جقر” للجائزة، فقالت إن مرشحتها  كانت مثالاً بحتذى للمرأة الكردفانية والسودانية بشكل عام، فأنشأت مشاريعها الزراعية والحيوانية الناجحة ما أهلها للمشاركة ثم الفوز بجائزة الإبداع لنساء الريف 2010م، وأضافت “ثريا”: إن نساء كثيرات ممن يعملن في السوق إلى جانب “أم جقر” يلجأن إليها لاقتراض المال فلا تتردد في ذلك. وثمّنت “ثريا” جهود “أم جقر” ومثابرتها حتى وصولها لامتلاك كل هذه الثروة، كما أشادت بمساعدتها للنساء المحتاجات وبناء مسجد، كما أنها تنشط في العمل ضمن إحدى الجمعيات الخيرية بالحي.
وفي الختام كشفت “أم جقر” لـ(المجهر) عن أنها تنوي إنشاء مصنع لمنتجات الألبان (الجبن) في المستقبل القريب، كما تخطط مع آخرين لإنارة قريتها وإدخال كل الآليات الحديثة لتطوير مشاريعها الزراعية والحيوانية التي أهلتها لحصد المرتبة الأولى، وأنها فخورة بهذا التكريم وتلك الجائزة الرفيعة، وستواصل عطاءها إلى أن تحقق كل أحلامها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية