تضربنا "إسرائيل" وتربت على أكتافنا "أمريكا"!!
{ حرصت “إيران” على (إعلان) وصول السفينتين الحربيتين إلى ميناء بورتسودان (الاثنين) المنصرم، فقبل أن تدبِّر “الخرطوم” أمرها، وتجهز توضيحاتها، وتبريراتها، كانت “طهران” تذيع الخبر، ليصبح شغل الدنيا الشاغل..!
{ في هذه الأثناء كانت وزارة الخارجية السودانية في أشد حالات ارتباكها، لأنها تظن أنها تسير (جنب الحيط) بخطى حثيثة لتنفيذ (المطلوبات) الأمريكية المتلاحقة، وصولاً إلى رفع اسم السودان من قائمة “واشنطن” السوداء الخاصة بما تسميها (الدول الراعية للإرهاب)!!
{ الخارجية ارتجفت، واضطر وزيرها إلى عقد مؤتمر صحفي عاجل، لدحض ما يتواتر من أنباء وتعليقات وتحليلات على نطاق واسع في (الميديا) العالمية، حول علاقة الفرقاطتين الإيرانيتين بضرب مصنع “اليرموك” للذخيرة منتصف ليل (الثلاثاء) الماضية!!
{ ولكن مهما اجتهد “علي كرتي” في (التبرير)، و(التبرؤ)، فإن إسرائيل ومن خلفها أمريكا، لن يصدقا “علي كرتي” – أبداً – ويكذبان جواسيسهما في “الخرطوم” و”بورتسودان”!!
{ إسرائيل لا تأخذ معلوماتها من مؤتمرات “علي كرتي”.. ولا من بيانات الحكومة السودانية.. وسواء أكان ما يرسله (الجواسيس) صحيحاً، أم خطأ – مثلما تعمدوا الخطأ بإرسال معلومات (مفبركة) عبر (أمانة) التجمع الوطني الديمقراطي (المعارض)، أدت إلى ضرب مصنع الشفاء للصناعات الدوائية المملوك للسيد “صلاح أحمد إدريس” في العام 1998، بصواريخ أمريكية، ما جعل المالك يكسب قضيته ضد الحكومة الأمريكية ويحصل على تعويض مادي كبير – سواء أكانت تقارير (الجواسيس) صحيحة أم خاطئة، فإن إسرائيل (تعتمدها)، ولا تبالي بتصريحات الخارجية السودانية، وهذا ما يُفترض أن يفهمه السادة عباقرة الدبلوماسية في بلادنا.
{ هناك محوران، لا ثالث لهما – الآن – في منطقة الشرق الأوسط، الأول يضم “إيران” و”سوريا الأسد”.. و(شيعة العراق) و(حزب الله). هذا المحور مسنود دبلوماسياً من داخل (مجلس الأمن)، وعسكرياً بالطائرات والرادارات والفرقاطات والغواصات الحربية من دولتين عظيمتين هما “روسيا” و”الصين”.. وقد استخدمتا حق النقض (الفيتو) لصالح (نظام الأسد)، وأفشلتا عدة مرات مخطط الإدانة والتجريم له من داخل مجلس المستأسدة على السودان “سوزان رايس”، فلم تجد السيدة غير التزام الأدب في حضرة مندوبي “روسيا” و”الصين”!!
{ لماذا لم يسأل الوزير “كرتي”، ومن فوقه قيادة الدولة أنفسهم: لماذا تستثمر الصين في السودان في مجال البترول وفي غيره، بمليارات الدولارات، وتُغرق أسواقنا بجميع السلع من “الإبرة” إلى “اللمبة”، و”الماسورة” وأطقم الجلوس وغرف النوم، وإلى التراكتورات والسيارات والماكينات الثقيلة، لكنها لم تفكر – لحظة واحدة – في استخدام حق (الفيتو) لصالح السودان، ولو لمرة واحدة، يوم إحالة (ملف دارفور) إلى محكمة الجنايات الدولية، ما أدى إلى إصدار مذكرة بتوقيف رئيس البلاد؟! لماذا استخدمته لصالح “سوريا”، وقبلها لصالح “زيمبابوي”؟!!
{ هل لأن مصالحها مع أمريكا أكبر من مصالحها مع السودان؟!
إنها الإجابة (الغبية) التي يرددها بعض ساساتنا ودبلوماسيينا!!
{ فلا شك أن مصالح “الصين” مع “أمريكا” أكبر – أيضاً – من مصالحها مع “سوريا”.. ومصالحها مع “أمريكا” و”بريطانيا” أكبر من مصالحها مع “زيمبابوي”!!
{ الحقيقة أن “روسيا” و”الصين” لا تشعران بأن حكومة السودان، التي تنفذ كل (الخطط) و(البرامج) الأمريكية في منطقة شرق أفريقيا، ابتداء من مفاوضات “مشاكوس” التي أقرت (حق تقرير المصير) و”نيفاشا” مروراً بـ”أبوجا” و”الدوحة”، وفصل (الجنوب)، واتفاقية “أديس أبابا” الأخيرة، لا تشعران بأنه يستحق (شرف) استخدام (الفيتو) لصالحه!!
{ حكومتنا تنفذ أجندة (المشروع الأمريكي) في المنطقة، وأهمها تحقيق حلم (استقلال دولة جنوب السودان)، لكنها تتوضأ بعد كل (جولة مفاوضات) ثم تعلن أن (دولة الاستكبار) لن تتركها في حالها، لأنها تطبق (الشريعة الإسلامية)!! الشريعة التي تطبقها “السعودية” بقطع يد السارق، والقطع من خلاف، والرجم، والقتل بحد السيف، ورغم ذلك فهي أكبر (حلفاء) أمريكا في الشرق الأوسط!!
{ الحلف الثاني يضم السعودية ودول الخليج العربي – (“قطر” تصعد وتهبط وفق مصالحها الخاصة) – وتيار (المستقبل) في لبنان، و(سنة العراق) وانضمت إليه مؤخراً (مصر الإخوان) لتسير في ذات طريق (مصر مبارك)!! هذا الحلف مسنود بقوة من أمريكا والاتحاد الأوربي.
{ أما حكومة السودان – وبعد خروجها بسنوات من (دوامة) موقفها في حرب الخليج – تظن أنها تطبق مقولة: (الصلاة خلف “علي” أتم، والطعام مع “معاوية” أدسم” والجلوس فوق التل أسلم)!!
{ ولكن (لا) أحد على وجه البسيطة سيترك السودان يجلس (فوق التل).. ولهذا سارعت “إيران” إلى إعلان رسو مدمراتها البحرية على ميناء “بورتسودان”!!
{ وعندما صعد الرئيس المصري (الإخواني) “محمد مرسي” إلى منصة المؤتمر الإسلامي في “طهران” مؤخراً، انتهزها فرصة لإعلان موقف (مصر الإخوان) الصارم في (إدانة) نظام “بشار الأسد”، وقبلها استغل (منبر الشيعة) ليعظم قدر “أبوبكر” و”عمر”، لتمسح لجنة الترجمة عباراته من النسخة (الفارسية) حسب ما أفادت الوكالات!!
{ “مرسي” إذن حدد موقفه بأنه مع “السعودية” وضد “بشار”، وأنه مع أمريكا يوم أن عيّن اللواء “عبد الفتاح السيسي” وزيراً للدفاع، وأنه لا صلة له تذكر بالسودان وحكامه، تختلف عن صلة الرئيس “مبارك” بهم، ولهذا فإنه سافر إلى السعودية، الصين، إثيوبيا، تركيا، إيطاليا، وإيران، ولم يزر السودان – مصدر النيل والبوابة الجنوبية – حتى الآن!!
{ دولتنا متهمة بالتعاون مع “إيران” و”سوريا” و”حزب الله” و”حماس”، وهو في الحقيقة اتهام (باطل)، لأن (خريطة أمبيكي) التي ضمت منطقة (14 ميل) لدولة الجنوب رسمها الملحق العسكري (البريطاني) وآخرون غربيون! ولأن المبعوث (الأمريكي) حاضر وباستمرار داخل غرف المفاوضات بين (السودان) و(الجنوب)، بل هو شريك في كل تلك الاتفاقيات!!
{ نحن شعب مسكين، تستغلنا إيران وتضربنا إسرائيل.. وتربت على أكتافنا أمريكا!!