بصراحة شديدة
هل تمتلك حكومتنا الشجاعة التي تجعلها تواجه شعبها بالحقيقة الكاملة عن أسباب الضيق والعنت الاقتصادي الذي خيم على بلادنا منذ بداية العام 2018م؟، وساءت الأوضاع يوماً بعد يوم حتى غدت الحياة شبه مستحيلة ضيق وعنت وشح في السيولة وفي ضروريات الحياة.. غلاء وندرة وتضخم وركود.. وكل أسباب التدهور الاقتصادي ماثلة وشاخصة.. حالة من الإحباط وسط عامة الناس وهروب من المسؤولية وغياب من يتصدى لأسباب المعاناة إعلامياً حتى غدت الساحة رمادية.
عندما جاءت الإنقاذ إلى الحكم وجدت خزانة الدولة (فارغة) والجيش في أسوأ حال له والجبهة الداخلية منقسمة على نفسها.. فخرجت الإنقاذ للناس جميعاً قالت كلمتها ومضت في إصلاح شأنه الاقتصادي بجسارة وثقة في النفس والشعب الذي صبر على الإنقاذ حتى حصد ثمار صبره.. رخاء ومن بعده سلاماً في جنوب السودان ونهضت عمرانية وفجأة تبدلت حال السودان من استقرار اقتصادي إلى تدهور مريع وانحدار.. إلى أسفل بلغ استيلاء الحكومة على أموال المواطنين في المصارف و(صرفها).. (بالقطارة) وليتها أي الحكومة اهتدت لرؤية وزير ماليتها في الزمن الصعب “عبد الرحيم حمدي” بالاستدانة من مدخرات المواطنين لتمويل مشروعات التنمية بدلاً من الاستيلاء على أموال المواطنين في المصارف.. وحجزها دون حق شرعي أو قانوني.
الوضع الاقتصادي والسياسي الراهن يتطلب خطاباً صريحاً جداً تكشف فيه الحكومة كامل حقائق أسباب الأزمة الحالية مهما كانت تلك الأسباب أو الخسائر الناجمة عن قول الحقيقة فذلك أخف وأحسن لها ولنا.. حتى يعلم الشعب هل هناك مؤامرة إقليمية وعالمية لحصار السودان وتركيعه وإذلاله وفرض بعض الخيارات السياسية عليه بالتجويع والإخضاع والإذلال؟ ومن يقود هذا المخطط؟ وكيف ولماذا؟ وما هي التدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة سكاكين الأعداء (الأصدقاء) التي أسدلت من غمدها.. وصوبت لعنتها.. وما المطلوب من الشعب السوداني لمواجهة الواقع؟
أم أن الأمر كله سوء تدبير.. وبؤس تفكير من الطاقم الإداري الذي عهد إليه الملف الاقتصادي وفشل فشلاً شهد به هو نفسه على نفسه.. وما قول وزير المالية الجنرال “الركابي” الأخير إلا شهادة نفس على النفس وحقيقة أفصح منها الرجل الصامت منذ تعيينه وهو صمت ليس من ذهب كما يقولون.
الشعوب والأمم تتعرض في مسيرتها لاختبارات ونكبات وتضرب اقتصاديات الدول الكبرى الأزمات مثل اليونان وإيطاليا وأسبانيا والاتحاد السوفيتي.. ولكن من شروط التعافي من الأمراض الاعتراف بالمرض أولاً وتحديد الدواء.. والحرص على تناول جرعاته في مواقيتها وبكل أسف المسؤولون (عندنا) لا يعترفون بالمشكلة ولا يشعرون بالأزمات التي تغشى المواطنين في حياتهم اليومية وتشغل الحكومات قضايا لا مكان لها في اهتمامات المواطنين مثل إجراء الانتخابات وقانون الصحافة وقانون الانتخابات وأشياء أخرى لا توفر أنبوبة غاز لمواطني الكلاكلات ولا جرعة دواء لأهل دارفور.. ولا برميل جازولين لمزارعي القضارف والمقينص ولا شيء من هذا وذاك فمتى يشعر المسؤولون بآلام المواطنين؟.. حتى يصارحوننا بأسباب ما نحن فيه.