الديوان

“أغاني وأغاني” .. هل استنفد أغراضه؟

بقلم – عبد الله رزق
تهيأ لي ، دائماً، أن برنامج “أغاني وأغاني”، قد تم تصميمه، ليُظهِر السر قدور المغني الهائل، المحبوس في داخله، المغني الذي لم يستطع أن يكونه ،يوماً ما، في مشوار حياته الغني بالخبرات والتجارب في مختلف صنوف الإبداع.. أن يعرض قدراته، بتمكن، في أداء أغنية أعتمدت كلياً على مهارة التحكم بالصوت البشري، دوزنته، وتشكيله وتلوينه، على غرار ما يفعل أبرز آباء تلك الأغنية الحديثة: الكروان كرومة والحاج محمد أحمد سرور، خاصة .. ولعل ذلك بعض مما ترسب من خبرة وتجربة الطنبارة في تلك الأغنية الجديدة، بصمتهم الخالدة.
لقد دأب السر قدور على انتزاع كامل فرصته في استهلال الغناء، وفي أن يتسلطن، في كل حلقة من حلقات البرنامج.. كان ذلك دأبه أيضاً، وهو يدلف بخطى وئيدة، إلى مكتب الأستاذ فضل الله محمد، رئيس تحرير جريدة الخرطوم، بشارع التجاني الماحي، مشقشقاً ومغرداً .. ومدندناً!
السر قدور، وياله من كنيف مليء خبرات ومعارف، وتجارب في العمل الإذاعي والتلفزوني والصحفي والدرامي، كما في الحياة الواسعة برفقة المبدعين من الشعراء والمغنين خاصة، مما أهله ليكون بعضاً من شهود عصر وبعض مراجعه التاريخية، غير أن عمله بإذاعة ركن السودان من القاهرة بالذات قد أتاح له أن يكون قريباً، على نحو خاص وحميم، ولصيقاً بالفن والفنانين، فوق كونه شاعراً غنائياً أصلاً.. ففي برنامجه ” أغاني وأغاني ” أصداء من كل ذلك، ونثار من ذكريات السر قدور، في رحلته مع الفن والفنانين، حيث تتجلى وتتجسد كل تلك الخبرات والمعارف والتجارب، التي اكتسبها قدور، بمافي ذلك التقديم البرامجي والفعالية الدرامية.
لقد بلغ البرنامج غايته وسدرة منتهاه، مع استنفاد قدور لكل رصيده من الحكاوي والذكريات، وإضاءاته الذوقية للحظات التي شكلت معلماً في حياته .. وكان يتعين على قدور –آنئذ- أن يتنحى ليفسح المجال لآخر، مثل، الدكتور عبدالماجد خليفة، وهو لايقل عن قدور معرفة بأحوال الفن والفنانين، على مر الدهور، مع خبرة بالغناء والإبداع الموسيقي، ومهارة في تشويق القص وامتاع السرد .. وقد لا تنقصه سوى ضحكة السر قدور الهائلة المجلجلة ..
غير أن محاولة إطالة عمر البرنامج بذريعة تجديده، قد أخرجته من سياقه البدئي، ووضعته في مسار مغاير، بحيث أصبح اكتشاف المقلدين من ناشئة الفنانين وتكريسهم، هو المحور الذي تدور حوله العديد من البرامج المتشابهة في الإذاعة والتلفزيون، الآن كما في الماضي، هو طابعه المميز أو مهمته الجديدة ..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية