دارفور الجديدة
وحده السيد “حسبو محمد عبد الرحمن” يستطيع توجيه انتقادات علنية لمجتمع دارفور وقياداته.. لا يتخفى الرجل الخمسيني وراء حجب السلطة ولا أبواق الإعلام حينما يبعث برسائل (حارة) جداً لقيادات دارفور في الشأن العام..ولا يستطيع أحد المزايدة على “حسبو” لا انتماءً للجغرافيا، المأزومة ولا التنظيم الحاكم ولا الحركة الإسلامية ما وراء ستار كثيف يظلل العلاقة.
في بيت أكبر أسرة دارفور حاكمة بأم درمان التي أصبحت هي دارفور الاجتماعية والسياسية.. بينما دارفور الجغرافية أضحت أرضاً بلا شعب.. كان منزل السلطان “دوسة” شامخاً رغم بساطة عمرانه وتواضعه والأشجار الكثيفة تغطي جمال البيت أو تواضعه.. وشمس الخامس من رمضان تأخذ في المغيب.. والسيارات تغطي كل مساحات حي الشاطئ بأم درمان وهي تلبي دعوة إفطار أسرة السلطان “دوسة” بامتداداتها الاجتماعية ومصاهراتها مع مختلف تكوينات السودان الاثنية والثقافية، وسياسياً تقع أسرة “دوسة” بين ثلاثة تكوينات فكرية حزب الأمة القومي حيث انتماء السلطان “دوسة” الكبير.. والبروفيسور “عبد الرحمن” وبين المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية.. وهنا يبرز اسم “محمد بشارة دوسة” وزير العدل السابق وحافظ “دوسة” رجل الأعمال الشاب.. ثم هناك امتدادات جزئية لبعض آل “دوسة” وسط الحركات الدارفورية مثل المفكر والمثقف د.”عبد الجبار دوسة” والنائب البرلماني الأسبق “علي دوسة”.. بهذا التميز جمعت أسرة “دوسة” في إفطارها قيادات ورموز دارفور تجاراً.. ورجال أعمال.. وسياسيين وبرلمانيين ووزراء.. ويتوسطهم النائب “حسبو محمد عبد الرحمن” الذي يحظى باحترام وثقة مكونات دارفور (زرقة وعرب)، إن جازت التقسيمة البغيضة ولكنها واقع يمثل إنكاره جزءاً من الأزمة.
سألت الأخ الصديق “تاج الدين نيام” وهو مثقف وسياسي واقعي إن كان الذين أمامنا هم المثقفين من خريجي الجامعات.. والطلاب والموظفين والسياسيين، ماذا تبقى في دارفور الجغرافيا.. قالها “تاج الدين نيام” يصدق لم يتبقَّ هناك إلا من هم فوق السبعين عاماً ينتظرون الموت أو النساء اللاتي فقدن الأمل في تبدل الحال.. أو أطفال المعسكرات الذين تشرف على تربيتهم منظمات الغوث!!
وإذا كانت دارفور اليوم يتكاثف وجودها في العاصمة الخرطوم ولكنها أي دارفور وقادتها يتمسكون بالانتماء إلى الجذور ويرفضون الاندماج قومياً لسبب وآخر.. وتلك من القضايا التي لا يحب الدارفوريون الحديث عنها.. لكن رئيس رابطة طلاب دارفور بجامعة الجزيرة يقطن والده قرية 24 القرشي.. ووالده من مواليد الجزيرة.. فما الذي لا يجعل هذا الشاب رئيساً لرابطة طلاب الجزيرة بجامعة الجزيرة.. ولماذا يعود لجذوره الأولى؟؟
في حديثه لقيادات دارفور صوب النائب “حسبو” حزمة انتقادات لممارسات أهل دارفور أولها أن التمرد الذي ضرب عظم المجتمع ومزق أحشاء الإقليم لا ينسب لقبيلة دون أخرى.. وإلا حق لنا نسب “ياسر عرمان” لقبيلته الجعليين!! وكذلك الحال الذي يمارس النهب والقتل لا ينبغي للقبيلة الدفاع عنه وتحمل أخطائه بل عليها نبذه قصياً. وتحدث النائب
“حسبو” عن ادعاءات التهميش في السلطة فقال الآن في هذا الإفطار أنظروا للصف الأمامي من وزير ووزير دولة، الزراعة، والصحة، والاستثمار، والسياحة، والصناعة جميعهم من أهل دارفور، ونائب الرئيس و”السيسي” مساعداً للرئيس أين التهميش؟؟ إذا كان الوزراء لا يستطيعون اتخاذ قرار هذه مشكلة وزراء دارفور.. وذهب “حسبو” في اعترافاته ليقول إنه كنائب للرئيس اتخذ قرارات في كل مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية ولم يؤنبني الرئيس أو النائب الأول على قرار اتخذته.
وانفض سامر إفطار آل “دوسة” وأهل دارفور الاجتماعي وهم أكثر قناعة، بأن الذي قيل من النائب “حسبو” هي الحقيقة التي ينبغي الاعتراف بها.