أخبار

محزن ومفرح جداً

محزن جداً أن يضطر مدير عام جهاز الأمن الوطني، للقيام بمهام معتمد محلية ووالي ولاية، ووزير بترول ومالية، ويتفقد طلمبات الوقود ليلاً للوقوف على معاناة المواطنين في الحصول على جوالين الجازولين والبنزين وغاز الطبخ.. ومفرح جداً أن يكون من بين أعضاء الحكومة من يشعر بوطأة الأزمة على الناس ويسعى لتطييب خواطرهم.. والوقوف ميدانياً على أسباب تكدس آلاف السيارات أمام محطات الخدمة، وعلى الورق وعلى لسان المسؤولين الأزمة قد انفرجت والوقود متوفراً.. والمصفاة تعمل والاتفاقيات مع السعودية تقضي بحل مشكلة الوقود لخمس سنوات قادمات.. بينما الواقع على الأرض غير ما تقول به ألسنة المسؤولين الذين يجلسون في مكاتبهم ولا يشعرون بأنين الناس وحاجتهم.. وضيق عيشهم.
من بين كل المسؤولين يخرج مدير عام جهاز الأمين الفريق “صلاح قوش” إلى طلمبات الوقود ليلاً.. وليته خرج في رابعة النهار ليرتفع الرجل في نظر الناس مقاماً علياً.. ويثبت للجميع بأن الذين (علقوه) على شخصه الأمل في تحسين أداء الدولة لم (يعلقوا) آمالهم على السراب.. مع أن تعويل الشعوب والأمم من حيث المبدأ على الأشخاص مسألة فيها نظر عند البعض.. وفيها اختزال مخل للعقل الجمعي في شخص بعينه.. ولكن في المقابل هناك نظرية القائد الذي يبصر بعين ثالثة ويلهم الناس أسباب النهضة والنصر في المعارك الكبرى.. وحينما وجد الشعب الماليزي أن بلاده التي نهضت بذاتها وقدراتها.. ونظافة سيرة قائدها “مهاتير محمد” تتعرض لانحدار إلى أسفل.. وباتت الدولة الناهضة قطعة صغيرة من الشكولاته في أيادي البلدان الخليجية استعادت ماليزيا رمز نهضتها رغم تجاوزه سن التسعين وقد دب الكبر والشيخوخة على جسده.. ولما شعر الرئيس “البشير” في بلادنا أن ثمة حاجة لرجال أقوياء لتقوية الحُكم الذي ضعف وشاخ.. جاء بـ”صلاح قوش” في منصب مدير جهاز الأمن ليثبت الرجل الستيني جدارته بالعودة.. وقد شهدت أيامه المعدودة في كرسي قيادة جهاز الأمن إشراقات، ومن بين هذه الإشراقات وصوله ليلاً إلى منافذ توزيع الوقود.. وحديثه المباشر للمواطنين كما جاء في تقرير الزميل النابغة “عبد الباسط إدريس”.
ولكن السؤال أين هم المسؤولون عن الأزمة؟ أين الولاة؟.. حيث فضل الفريق “عبد الرحيم محمد حسين” ومعتمد أم درمان تكريم (الهادي الرمز الأم درماني) بدلاً من السهر مع مواطنيهم في طلمبات الوقود.. وسد منافذ تهريب الوقود وبيعه في السوق السوداء.. ومتابعة وصول غاز الطبخ للأمهات وهن يعدن (الحلو مُر) لرمضان الذي يطرق الأبواب، لم نشاهد ولاة الجزيرة والقضارف ونهر النيل وبحر أبيض يؤدون واجبهم في الميادين، لذلك نيابة عن هؤلاء يقوم الفريق “صلاح قوش” بسد عجز الولاة.. وسد عجز الحكومة الاتحادية التي اختارت أن (تلبد) وتغطي (أذنيها) بالصوف وتنكر وجود أزمة من حيث المبدأ.
في داخل النظام هناك من ينتقدون تدخل جهاز الأمن في اختصاص غيره.. في الإعلام والسياسة، ولكن ثبت أن جهاز الأمن يجد نفسه في كثير من الأحيان (مضطراً لسد عجز الأجهزة التنفيذية والسياسية.. وخير شاهد على ذلك تفقد الفريق “صلاح” لمحطات الوقود ليلاً.. وتدخل مدير جهاز الأمن في البحر الأحمر (بالوساطة) والجودية لحل مشكلة عمال الشحن.. بعد أن عجزت وزارة النقل عن حل المشكلة وعجز اتحاد نقابات العمال بدوره.. ويجد جهاز الأمن ثغرات عديدة في الجدار المتصدع ويصلحها، ولكن أكثر الناس لا يعملون ويسوءهم أن يعمل الآخرون.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية