متى نبني دولة المؤسسات؟!
بعد ثلاثة عقود من الحُكم، هل أفلحت (الإنقاذ).. من نسختها الأولى إلى نسختها الأخيرة، في بناء دولة المؤسسات العميقة التي لا تتأثر بوجود أشخاص على مقاعد قيادة الوزارات والإدارات العليا للدولة؟!
واقع الحال يقول إن دولة المؤسسات التي لا تتأثر القرارات فيها بالأفراد لم تقم بعد في بلادنا الحزينة، وإلا لما احتجنا ولما طالبنا كل حين وآخر بحكومة جديدة أو تعديل وزاري يصلح الحال المائل الذي يزداد ميلاً مع كل تعديل!! نسأل الله أن يختلف وضع البلاد ويتبدل نحو الأفضل مع التعديل الجديد، لأنه في الغالب سيكون الفرصة الأخيرة للتغيير قبل انتخابات العام 2020 .
ما زلنا ننتظر الفرج في وزارة المالية على يد “فلان” أو “علان”، وهذا يعني أن المؤسسة لا تعمل، وإلا لما اختلف مستوى الأداء في ذات الوزارة بذات الإدارات والكوادر من وزير لآخر .
ذات الشيء ينطبق على وزارة النفط، فالوزارة التي اكتشفت البترول قبل (18) عاماً، واستخرجت بشراكة مع “الصين” و”ماليزيا” نحو (500) ألف برميل نفط يومياً من حقول شمال وجنوب السودان، هي نفس الوزارة التي تنتظر اليوم موافقة بواخر النفط الأجنبية على تفريغ حمولتها في ميناء بورتسودان.. بسعر الآجل !!
وزارة الخارجية التي أفلحت في رفع العقوبات الأمريكية عن السودان في العام 2017 بعد حوار امتد لستة أشهر مع الجانب الأمريكي، هي ذات الوزارة التي فشلت في رفع العقوبات عبر حوارات مختلفة وطويلة امتدت لـ(20) عاماً شغل كرسي الوزير فيها عديد الوزراء من شمال وجنوب السودان .
إذن.. ما زلنا نعتمد في الإنجاز على (كاريزما) الوزير أو المدير، فيتحسن الأداء في عهد هذا، ويعود ويتدهور في عهد ذاك، ولذا تلاحظون عودة بعض الوزراء والمديرين السابقين لذات المقاعد القديمة، لأن البدلاء لم يوفقوا، ولأن المؤسسة لم تنجب قيادات بعطاء أفضل من أسلافهم، وهذا لعمري فشل كبير ما بعده فشل .
متى نبني المؤسسات لتنطلق الدولة دون انتكاسة وعودة للوراء؟!