واحدة من إفرازات أزمة الوقود خلال الأيام الفائتة، هو ظهور الانتهازيين من ضعاف النفوس الذين يبيعون ويشترون في معاناة المواطن البسيط.
الأغلبية من أصحاب المركبات كانوا يحظون بكميات الوقود التي يطلبونها، رغم الندرة، حيث لم يضطر إلا القليل منهم للجوء للسوق السوداء، لكن الانتهازيين من أصحاب الحافلات الصغيرة استغلوا حالة الندرة وقاموا بمضاعفة أسعار تعرفة المواصلات والتي بلغت قيمتها في بعض الخطوط (15) جنيهاً، تخيلوا هذه التعرفة ليست تعرفة مواصلات سفرية، بل مواصلات داخلية، أما تلك الحافلات التي تأخذ مبلغ (5) جنيهات من المواطن وهو مكره، لمشوار لا تتعدى تعرفته الـ(3) جنيهات، فقد رفعوا سعر التعرفة إلى (10) جنيهات يدفعها العامل والطالب مجبرين، ويشارك أصحاب المركبات في هذه الانتهازية (الكمسنجية) الذين يندهون مقابل الحصول على قيمة التعرفة كأجر لقاء جهدهم والذين يحرصون فيه على رفع سعر التعرفة حتى يكون نصيبهم أكبر، هؤلاء خطر دائم على المواطن أكثر من المضاربين، يمارس هؤلاء مهنتهم ليل نهار وعلى مرأى ومسمع السلطات.
غداً سوف تنقشع سحابة أزمة الوقود ولكن ستبقى قيمة التعرفة التي فرضها (الكمسنجية) وأصحاب المركبات كما هي، وسوف يزداد الوضع أكثر تعقيداً. السؤال المهم هنا من يحمي المواطن المغلوب الذي أنهكت الأسعار جسده من هؤلاء السماسرة الجدد ليزداد عنتاً على عنت؟
المواطن لم يعد يحتمل أكثر مما احتمله من ويلات ومصاعب جراء تداعيات ميزانية 2018 والتي حلت عليه كما الصاعقة، زيادة في سعر الرغيف وفي اللبن وفي المواد الغذائية وكافة الخدمات التي تقدم، واليوم تطل عليه زيادة من نوع آخر، زيادة فوق زيادة وتعرفة المواصلات تتضاعف.
الآن باتت القضية الأكبر التي يعاني منها المواطن هو عدم حسم فوضى السوق، فالكل يبيع ويشتري ويضارب باسم سياسة التحرير والسوق الحر المفتوح، الذي يطأ حرارته المواطن البسيط صاحب الدخل المحدود، فهؤلاء جعلوا من التحرير الاقتصادي مدعاة لممارسة أقصى أنواع المضارب باسم قوت وخدمة المواطن. الوضع أصبح معقداً، فلم يعد الناس يحتملون الضرب من كل الاتجاهات، بما في ذلك الحكومة التي تمسك بعصا الضرائب والرسوم المتعددة وتتفرج على المضاربين الذين يمارسون الضرب على المواطن، إلى متى سيستمر الحال، هل نحن موعودون بغدٍ مشرق تحمي فيه الحكومة مواطنها من جشع التجار ويحاصر البرلمان الحكومة التي تضغط عليه بالأعباء؟.. أتمنى أن يحدث ذلك ولو في الأحلام.. والله المستعان.