خربشات
(1)
(المجهر) أول صحيفة دقت ناقوس الخطر في الخارجية السودانية بسبب شح المال وإمساك المالية، وبنك السودان يدهما عن دفع استحقاقات السفارات بالخارج.. ولم تعجب الخارجية الطريقة التي أثارت بها (المجهر) القضية التي كانت تقبع في دهاليز الصمت والظلام وتحاول الخارجية الحصول على المال عن طريق (التحنيس) والاستجداء حتى بلغ السيل الزبى وأصبحت قضية متأخرات الدبلوماسيين مثل قضية المزارعين المعسرين، وأخيراً اعترفت قيادة الخارجية بالواقع المُر ولكنها لجأت بطريقة غير (لائقة) للبرلمان تشكو من جور المالية وظلم بنك السودان واختارت الخارجية السير عارية في الشارع الدولي الذي يراقب لكل ما يثار في قبة البرلمان من قضايا.. وأمس (الخميس) طارت بخبر الأوضاع بالخارجية تقارير المخبرين والجواسيس المعترف بهم قانوناً وهم يكتبون لبلدانهم عن حال السودان في الوقت الراهن، وماذا قال وزير الخارجية أمام البرلمان عن الأوضاع الاقتصادية وانعكاساتها على النشاط الخارجي.. كل ذلك يرسم صورة قاتمة عن الأوضاع الاقتصادية في البلاد.. وعندما يذهب وزير الاستثمار إلى بلدٍ ما ويدعو المستثمرين للاستفادة من الفرص المتاحة في البلاد لهم الميزات التفضيلية هنا.. مقارنة بدول أخرى فإن رجال الأعمال والشركات يضحكون في سرهم على الوزير.. فكيف لمستثمر أجنبي يبحث عن مضاعفة ثرواته وزيادة دخله المغامرة بما يملك في دولة لا تحترم مؤسساتها المالية والتنفيذية، حتى قرارات وتوجيهات الرئيس، كما قال ذلك البروفيسور “إبراهيم غندور” أمام البرلمان يوم (الأربعاء)، ومن هو المستثمر (المغفل) الذي يضع أمواله في المصارف السودانية التي يجابد ويكابد السودانيون في الحصول على جزء يسير من أموالهم التي أودعوها في تلك المصارف ويبحثون اليوم عن مخرج لهم.. كيف يحصلون على أموالهم؟.. وانتشرت في البلاد النقود (الربوية) حيث يبيع أصحاب المحلات التجارية الكبيرة الصكوك المالية من الأفراد والشركات (نظير) عمولات تسمى أتعاب!! يجوب أصحاب الشيكات على (المولات) ومحلات بيع الأجهزة الكهربائية وتجار الفراخ.. واللحوم ويعرضون عليهم شراء (الشيكات) التي يحملونها مقابل كاش أقل.
في ظل هذه الأوضاع كان حرياً بالسيد وزير الخارجية أن يطلب فقط من البرلمان الموافقة على تخفيض عدد البعثات الدبلوماسية في الخارج وإغلاق الملحقيات الثقافية والإعلامية وتقليل عدد الأفراد الذين يتم تعيينهم خدمة خاصة لهم بالخارجية لتحسين أوضاعهم والخيار الذي كان حرياً بالوزير الإقبال عليه تقديم استقالته من المنصب والعودة لمقاعد التدريس بكلية طب الأسنان بجامعة الخرطوم ليعمل على مكافحة التسوس وهشاشة الأسنان والزراعة و(القلع) وقتل الجذور وهي مهنة محترمة لشخصية محترمة.. بدلاً من (عرض الحال) في البرلمان الذي لا يملك في الأمر شيئاً، إذا كان بنك السودان ووزير المالية يرفضان تنفيذ قرارات رئيس الجمهورية ونائبه الأول، فماذا يفعل البرلمان إزاء ذلك الواقع.. ووزير الخارجية يعلم أن.. دولة تسيطر عليها مراكز القوى يصعب أن يلتزم موظفوها بالقرارات الصادرة من المؤسسات.
(2)
عدت أمس من شمال كردفان عبر طريق الصادرات أم درمان/ جبرة الشيخ/ بارا الذي كان مقرراً افتتاحه في يونيو القادم بعد أن قدم وزير الطرق والجسور المهندس “مكاوي محمد عوض” وعداً لرئيس الجمهورية بذلك في الزيارة الأخيرة لشمال كردفان.. ومن قبل كان مولانا “أحمد هارون” الذي كدح وسعى وبذلك الجهد في هذا الطريق القومي الإستراتيجي حتى أصبح واقعاً على الأرض.. سعى لإكمال الطريق خلال شهر أبريل الجاري.. ولكن المهندس العربي قد رفض ذلك بشجاعة أمام النائب الأول الفريق “بكري حسن صالح” الذي ظل يتفقد الطريق في أرض الواقع ويدعم بالمال لإكماله، إلا أن الواقع على الأرض يقول ما تبقى من الطريق (85) كيلومتراً من مشروع نادك الزراعي غرب المويلح وحتى منطقة رهد النوبة.. والشركة المنفذة للطرق (زادنا) تفانى مهندسوها وعمالها في (رسم الظلط) وبالإمكانيات الشحيحة التي تعيشها البلاد.. ولكن النشاط الذي كان في السابق لم يعد ذاته.. قلت أعداد العربات العاملة.. وتوقفت أعمال السفلتة خلال رحلتي ذهاباً وإياباً بذات الطريق.. ومحطة أو معمل الإسفلت الموجود في منطقة أم قرفة جنوب جبرة الشيخ أصبح بعيد جداً من منطقة الرصف.. تقطع السيارة مسافة (200) كلم لتفريغ حمولتها من الإسفلت وتعود مرة أخرى ولن تستطيع السيارة الواحدة إنجاز أكثر من رحلتين في اليوم، وفي ذلك إهدار للموارد.. وكان حرياً بالشركة تنفيذ القطاع الأخير من رهيد النوبة حتى المويلح بغرب أم درمان من (معمل) الخرطوم، فهل تباطؤ أعمال الإنشاءات من ردميات وسفلتة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد في الفترة الحالية أم لأسباب أخرى؟
وهل بعد الوعود التي قطعها المهندس “مكاوي” أمام الرئيس بإكمال الطريق في يونيو القادم يمكن أن (يخلف وعده) ويتم إرجاء الافتتاح إلى ما بعد الخريف القادم؟ ووزراء الطرق من حيث الأداء تعتبر الوزارة الأولى في حكومة الوفاق الوطني الحالية، ولكنها مظلومة إعلامياً.. بسبب حياء الوزير “مكاوي” وأدبه الشديد وزهده في الأضواء وكاميرات الإعلام، إلا أن الوزير مطالب من خلال الشركات التي تعمل في الطرق بإبراز أعمالها وأنشطتها.. وتعتبر شركة (زادنا) التي نفذت هذا الطريق فخراً لكل وطني وهي تقدم البديل الأفضل للشركات الأجنبية التي حاولت لي ذراع وفرض شروطها لتنفيذ الطرق في المناطق النائية.. ولكن زادنا التي تعتبر واحدة من أذرع قواتنا المسلحة (سدت الفرقة) وزادت عليها بأن أحسنت الأداء في تشييد طرق بمواصفات عالمية مثل طريق الصادرات الذي منذ زيارة الرئيس الأخيرة (وقف وما زاد) فماذا هناك؟!!
(3)
لأول مرة في التاريخ يحتفي فريق كرة القدم بالهزيمة.. في الملعب.. فعل ذلك فريق الهلال الذي تسابق إعلامه الكذوب في تجميل صورته بعد أن تلقى الهزيمة (3/1) في يوم (الأربعاء) أمام فريق مغمور من نيجيريا اسمه (أكوا) واحتفاء الهلال بالهزيمة مبرر بصعود الفريق لدوري المجموعات في البطولة الكونفدرالية بعد خروج ممثلي البلاد الآخرين المريخ.. وتبعه أهلي شندي وأخيراً هلال الأبيض الذي فاز (2/1) ولكنه خرج من الكونفدرالية.. والهلال الذي تلقى الهزيمة بالثلاثة لن يقوى على السير في دروب البطولة الحالية وتعتبر مرحلة المجموعات هي المحطة الأخيرة له.. والكرة السودانية تعيش في محنة حقيقية تدهور مريع في المستوى.. بعد أن عاشت فترة قصيرة في السنوات التي أعقبت توقف الحرب في السودان 2005م وحتى 2011، وخلال فترة الازدهار الاقتصادي والاستقرار السياسي حققت الأندية بعض التقدم وعاد المنتخب الوطني لنهائيات الأمم الأفريقية بعد ثلاثين عاماً من الغياب، وفي الأيام الماضية دعا الرئيس القائمين على أمر الرياضة للتخطيط للمشاركة في كأس العالم بقطر في 2022م، فهل من يحتفي بالهزيمة مثل الهلال يملك القدرة والطموح ليصبح واحداً من خمسة منتخبات تمثل أفريقيا في ذلك العرس العالمي الكبير؟.