الفساد ربيب الظلم (1)
طلب الرئيس الأسبوع الماضي من يملك معلومات عن فساد في الدولة تبليغ الأجهزة العدلية.. وتعهد الرئيس في خطابه بالبرلمان بمحاربة الفساد وإشهار سيف الحق لاستعادة الأموال المسروقة والممتلكات المنهوبة، وتبع حديث الرئيس قرار إنشاء محكمة خاصة بجرائم المال العام، رغم أن مجرد ذكر محكمة خاصة ونيابة خاصة تقشعر شعرة الجسد.. خوفاً من عودة نيابة أمن الدولة القديمة وثنائية “محمد فريد” والقاضي “محمد سر الختم”!! وقد تبرع الكثيرون بنشر معلومات عن الفساد في كثير من مرافق الدولة التي كانت تعتبر فيما مضى مجرد الحديث عن الفساد طعناً في شرفها.. ومحاولة للنيل منها.. ومساساً بالإسلام والتوجه الحضاري، ولكن بعد موقف الرئيس الأخير رقص حتى الفاسدين على أنغام تطهير النظام من دنس الفساد ورجس التجاوزات.. نضع أمام الرئيس والرأي العام قضية أخطر من الفساد.. بل ما أهلك الله قوماً إلا بظلمهم لبعضهم.. وقد جاء في الأثر ينصر الله الدولة الكافرة العادلة ويمحق الدولة المسلمة الظالمة.. وأمام الرأي العام قضية ظلم تعرض لها شاب ورجل أعمال ذهب لدارفور حينما كانت قوات التمرد تدق أبواب المدن الكبرى الفاشر ونيالا.. وحينما غادر رأس المال الدارفوري الفاشر ونيالا.. وطار بعضهم إلى دبي وسنغافورة خوفاً على أموالهم من التمرد أو خوفاً على أنفسهم.. كان “وليد الفايد” في قلب دارفور ذهب إلى هناك بدعوة من الحكومة.. وبإغراءات ووعود ليسهم بماله في تنمية دارفور ومساعدات حكوماتها وإنسانها.. وقعت حكومة السودان مع شركة “وليد الفايد” الشهيرة بشركة (مان) عقداً لإنشاء طريق نيالا /عِد الفرسان/ رهيد البردي.. كما وقعت الحكومة أيضاً مع رجل الأعمال “صديق ودعة” اتفاقاً آخر لإنشاء طريق الفاشر/ كتم، وبالعشم والأمل نقل “وليد” أنشطته إلى نيالا.. لتشييد الطريق فهاجمت شركته قوات التمرد ونهبت منه اثنتي عشرة سيارة بوكس وقلابات وسيارات نقل.. لم يغادر نيالا مثل مغادرة الصينيين حينما هاجمهم المتمردون ،في طريق العباسية/ الرشاد.. ولم تعوض حكومة السودان “وليد” لقصورها.. وفشلها في توفير الحماية له ولشركته.. (احتسبها) الرجل الذي نشأ في كنف التنظيم الحاكم منذ الجامعة.. وعلق آماله على وعود السياسيين، تعثرت الحكومة في دفع المال فتعثر العمل.. وكلما توقفت الآليات عن العمل تراكمت الخسائر على الشركة، أصبحت شركة (مان) مورداً لبعض السياسيين والوزراء يستجدونها المال.. بطرق شتى ،تهديداً ووعيداً.. وإغراء وابتزازاً وصاحب الشركة يضحك ساخراً على نفسه وهؤلاء السائلون بلا حياء.. تعرضت الشركة لخسائر كبيرة جراء أطماع المجتمعات المحلية.. تم حفر الحفائر على جانبي الطريق لتوفير الماء للإنسان والحيوان، ولكن الشركة دفعت أكثر من (20) مليار غرامات وديات عن كل بقرة تعثرت في حفير للشركة، دفع “وليد” ثمنها مضاعفاً ،وأي إنسان سقط في حفرة بالطريق دفع ديته كاملة بالقديم أو الجديد.. خمس سنوات والحكومة متعثرة في الدفعيات حتى يكتمل الطريق.. ارتفعت أسعار الوقود والمواد الخام.. وطالب “وليد” بتعديل الأسعار، ولكن وزارة المالية رفضت.. لجأ لوزير الطرق ولم يجد حلاً.. وافق الرجل على إكمال الطريق بواقع (3) مليارات جنيه للكيلو متر الواحد والمالية رفضت ذلك بحجة ارتفاع السعر والمفارقة أن المالية رفضت لـ”وليد الفايد” مبلغ (3) مليارات ووقعت مع شركة أخرى في دارفور سعراً مضاعفاً للكيلو متر الواحد (7) مليارات جنيه ،حلالاً على “حماد” وحراماً على “محمد” !!هل دولة تظلم رعاياها وتهضم حقوقهم وتميز بينهم سيكتب الله لها نصراً؟ ولماذا نقف نحن مع المساكين والفقراء فقط حينما يظلمون ولا نقول الحق حينما يتعرض رجال الأعمال ، وهم عماد الاقتصاد وسيقانه، للظلم ونمسك عن قول الحق؟..
غداً نواصل..