الديوان

حاجة فاطمة..حكاية سيدة تبحث عن رزقها (وسط الشمس اللاهبة) ببيع الفول والتسالي

ربت به أطفالها الثلاثة

الخرطوم_ سليمة عبد الباقي
لم تفت درجة حرارة الشمس التي ضاهت 40 درجة مئوية من عضدها، ولا غبار السيارات الكالح الذي كان يتناثر على وجهها بسبب مرور السيارات ما يفاقم من معاناتها في وسط هذه الأجواء القاسية، ولا (بوار) سلعها البسيطة لساعات طوال، لم يفت كل ذلك من همة الحاجة (فاطمة) طوال عشرين عاماً قضتها ، وهي في مكانها في تقاطع شارع الحرية مع شارع السيد عبد الرحمن تبيع (الفول والتسالي و(قراصة النبق) والسمسمية وبعض المكسرات الصغيرة)، ربما لأن هذه السلع الضئيلة وقوة تحملها كانا سبباً مباشراً في تربية أبنائها الثلاثة حتى تزوج أكبرهم سناً.
حامدة.. شاكرة ..
كانت حاجة فاطمة تستظل بشمسية صغيرة ..لا تستطيع حجب أشعة الشمس القاسية من التسلل إلى جسدها..ولكنها تعرف أن لا مستحيل تحت شمس إرادتها التي تسطع بقوة تضاهي قسوة الأولى، قالت حاجة فاطمة لـ(المجهر) التي جلست بجوارها أنها تقوم من (النباه الأول) وتجهز أكياس الفول والتسالي وبقية المكسرات وتأتي الخرطوم، بعد ذلك لمكانها الذي قضت فيه زهاء العشرين عاماً في تقاطع شارع السيد عبد الرحمن مع الحرية، تنتظر زبائنها الذين يأتون إليها منفردين، و(تفرش) بضاعتها التي لا يتعدى رأس مالها 300 جنيه فقط، وهي تلتحف (شمس الله الحراقة) وتنتظر (الرزق) حتى الساعة التاسعة مساءً ثم تحمل (إيرادها الضئيل) (حامدة شاكرة) بما أنعم الله عليها من (رزق) وتعود أدراجها إلى منزلها بأم درمان.
قلت لحاجة فاطمة لم لا تجلسين في مكان به ظل بدلا من الجلوس في هذه الشمس الحارقة، قالت إن الزبائن الراجلين عادة لا يغيرون مسارهم وإنما يشترون من يجدونه أمامهم فقط، وإذا ذهبت إلى الظل لن أجد من يشتري مني، ثم أردفت وهي تشكو من بعض أصحاب السيارات الخاصة، الذين يقف بعضهم أمامها ما يحجب عنها الزبائن، إلا أنها لا تستطيع أن تمنعهم (لأنو مافي زول مستعد يشتغل بكلامها)_ بحسب قولها.
مسؤولية.. ومواظبة..
تقول الحاجة فاطمة إنها ظلت تعمل في هذه المهنة لمدة 20 عاماً من أجل تربية أبنائها الثلاثة، الذين توفي والدهم وهم صغار، وتابعت: عندي ولد وبنتين وقمت بتربيتهم مما كانوا في (اللفة) وما لقيت زول يساعدني في مصاريفهم، وأصلاً ما طلبت مساعدة من زول، عشان كده اتحزمت للمسؤولية وبقيت اشتري الفول والتسالي والسمسم وأصنع منهم الحلويات والمكسرات، وأوضحت الحاجة فاطمة أن أكثر فترات الانتعاش لبضاعتها هي فترة العصرية، حيث يكثر مرور الطلاب والموظفين، وتحسرت حاجة فاطمة على عدم قدرتها على توفير المال اللازم لأبنائها لمواصلة دراستهم، مشيرة إلى أن تعليمهم لم يتجاوز المرحلة الثانوية بسبب الظروف المالية القاسية، وختمت بقولها: حاولت البحث عن مهنة أخرى، ولكن ما لقيت..وما عندي واسطة..وما بعرف لي ناس في الحكومة أو موظفين كبار.. ونحن غلابة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية