نوافذ

القبول من ربّنا..

 { أشرت في زاوية سابقة إلى الذين يتوجون أنفسهم ملوكاً على إمبراطورية الشعر، وأصبحوا يُلبسون من شاءوا بردة الشعر، ويطردون من شاءوا من هذه المملكة. وهؤلاء الكثر أريد مخاطبتهم جميعاً في شخص واحد، وأستميحكم عذراً لأنه ليس من شيمي ولا من تربيتي تجريح شخص ما أو الإساءة اليه مهما دعت الظروف.. وأي ظروف هذه التي تجعلني أنتزع سخط من حولي من الناس بلا سبب ولا داع؟!
{ الحديث عن أحد الشعراء الذين أعرفهم جيداً من الشباب، وهو ذو صيت لا بأس به.. أحترم كتابته كثيراً ولكني لا ولن أحترم أسلوبه في الكتابة عن أناس هو جزء من طينتهم.. فتربيتنا السودانية تعلمنا كيف نعامل الغرباء عنا، دعك من أبناء طينتنا، أي الشعراء.
{ الشاعر، يا سيدي، خلاصة إحساس وروح، لذا دع عنك هذا واركن إلى شاعريتك التي تكاد تخرج من بين السطور وتنتزع إعجاب الناس.. دع عنك تسمية من جمعتك بهم (قعدة بيت وصحن بوش ومصروف واحد) غير المنصة، دع عنك تسميتهم بما لا يليق بك كنجم مطلقاً.
{ وحينما تقول (فلان دا عامل فيها نجم كبير) عليك أن مراجعة ما تقول.. لأن النجم يا سيدي شخص مبدع في مجال ما، واختاره الجمهور ليكون نجماً بلا سابق وعد.. والنجومية ليست انتخابات يمكن التشكيك في نزاهتها، ولا مقياس النجومية هو نفسه مقياس السكر والدقيق الذي يتفق عليه أصحاب (الكناتين).
{ النجومية يا سيدي هي أن يربعك الجمهور على عرش قلبه بمحض إرادته.. إن كانت النجومية هي الشهرة ذاتها، فهي أن يرمقك الناس بنظرة لا يعرف معناها إلا ذو قلب شفيف.. أن يرحبوا بك أينما حل بك المقام.. أن تتعلم كيف يعرفك الناس دون أن تقدم نفسك لأحد، لأن أعمالك قدمتك لهم قبل أن تراهم أنت.
{ النجومية هي أن تكسب حب الغير بلا جهد منك ولا تملق.. أن يراك الجمهور كأحد أفراد أسرته.. أن يسأل عنك كلما طال غيابك.. أن يتسلح بما تركت له من زاد وإن فنيت.. أن يخبرك بأنك حاضر وإن غبت.. أن يبحث لك عن عذر كلما تحدث عنك الآخرون بسوء.. أن يخاف عليك أحدهم رغم أنه لا تربطك به صلة.
{ هذه هي النجومية.. هي أن يحجز لك الناس مكاناً في قلوبهم.. فأين نحن من هذا؟!
{ اعتدت طيلة أعوام مضت، وأنا في رحاب الشعر، أن أنتقد نفسي أولاً، قبل أن ينتقدني الناس.. في مظهري.. وفي ما أقدم.. أين أكون وأين لا أكون.. كيف أبليت في هذا المنتدى.. ما هي نقاط ضعفي هنا وما هي نقاط قوتي هناك؟! ليس خوفاً من انتقاد احدهم لي، ولا لأن ذلك إن حدث يمثل نقصاً في شخصيتي أو يعد سلباً على تجربتي.. إنما احترام الجمهور علمني ذلك!!
علمني أن أحترم نفسي حتى أنال احترام الآخرين.. وعلمني أن أقرأ دواخلهم قبل أن أفرض عليهم أشيائي، لأنهم يستحقون اهتمامي بما أنهم استقطعوا من وقتهم لسماعي أو مشاهدتي!!
{ شاعت موخراً الكثير من المهاترات بين الشعراء، وهذا أمر مؤسف، لأنهم هم الذين نتوجه إليهم كلما تشاحنت النفوس. أذكر أننا في المهرجان الأول لسحر القوافي، وبعد أن تداولت اللجنة النقاش ارتأت في آخر اللحظات أن لا تقدم أحداً في الترتيب إلا بالأبجدية، وقد كان، وحينما تساءلنا عن الدافع باختصار، عرفنا أنهم كانوا يخشون على الشعراء المشاركين من التنافر حينما يذاع ترتيب الاسماء!!
{ تعلم.. احترمت من جاء بهذا القرار كثيراً، فهو نجم بالتأكيد، لأنه حافظ على نقاء الدواخل كما يجب!!
{ لذا لا تجهد نفسك كثيراً، لأن الجمهور يختار من يريد، وحينما يختار الجمهور فلا مجال للعناد!! و(القبول من ربنا)!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية