الديوان

تلاقيط الرزق وسط لفحات السموم وعوادم السيارات والشاحنات

صغار تخرجهم الحاجة

الخرطوم- هبة محمود
بدا لي ذلك الصغير بـ(ثيرمسه) الأصفر وهو يتسابق مع أقرانه ممن اختاروا من محطة العواتيب مكاناً لهم يقتاتون من ورائه لقمة عيش تقيهم العوز وبسط الأكف يسألون الناس، بدا أكثر همة وهو يتدافع نحو أبواب الباصات السفرية ليقدم بضاعته التي يحمل، والتي هي عبارة عن قهوة بيده اليمنى، وأكواب ورقية تحملها يسراه، دون أن تثنيه لفحات السموم وعوادم السيارات الكبيرة وماكيناتها.
وعلى الرغم من تلك الحداثة التي صاحبت مهنة بيع (الشاي والقهوة المتجولين) وتغييرهما من المفهوم الذي ظل متعلقا بـ(الكفتيره الصفراء) الكبيرة و(الجبنة) الملحق بها جمرات، الكفتيرة الموضوعة على قاعدة أسفلها وضعت بها بعض الجمرات المتقدة، مثبتة بأسلاك لضمان تناول الشاي ساخناً في أي وقت للزبون، إلا أن عمل أولئك الصغار يتم في ظروف بالغة التعقيد سيما أنهم يتدافعون وسط إطارات السيارات.
لا يقتصر الأمر على بيع الشاي والقهوة، وإن كان يعد بيعه حديثاً في محطات التفتيش السفرية، عقب التصاق باعة (الجوافة) بالذاكرة وهم يتدافعون لعرض سلعهم على الركاب، فإلى جانب أولئك وهؤلاء يأتي أيضاً باعة الفول والتسالي والترمس وغيره، دون الاعتبار لظروف المنطقة القاسية، وكأني بهم يرددون (بكرة أحلى).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية