أخبار

مراهقو (البيتش)

محمد إبراهيم الحاج

* لم يكن مقطع الفيديو الذي تم تصويره في (البيتش) قبل أيام سوى نتيجة منطقية لجملة إشارات سبقته
*لم يكن صادما لي بقدر ما كان متوقعاً لجهة أن ثمة إشارات قوية سبقت ذروة أزمة مجتمع شاخصة لكل الناس.
{ لم تعد الحياة الاجتماعية في السودان كما كانت قبل نحو عشر سنوات فقط من الآن.
{ تبدلت البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية… وتحوّرت كثير من القيم والمفاهيم التي كانت ترتبط بالمجتمع السوداني قبل عقد واحد فقط من الزمان.
{ أصبح المجتمع أكثر انفتاحاً على قيم وافدة.. بعضها إيجابي وأغلبها يصدم كثيراً مما توارث.
{ لم تعد المؤسسات التعليمية والأسرية تملك السطوة الغالبة في توجيه الشباب والمراهقين.
{ ثمة عناصر تسللت بهدوء دون أن ننتبه لها.. أصبحت تتحكم في أدمغة هؤلاء الشباب وتحيل ما كان محظوراً في زمان مضى، إلى ما هو أشبه بالمباح.
{ الفضائيات.. صداقة أبناء المغتربين القادمين بثقافات متباينة تتقاطع مع الموجود منها.. المطربون الشباب الذين أصبحوا يؤثرون بشدة في المراهقين والشباب وأغلبه تأثير سلبي.. مواقع التواصل الاجتماعي حدث عنها ولا حرج.. الأصدقاء ذوو الثقافات التي تنزع نحو حرية شخصية تقارب إلى حد بعيد (الفوضى).
{ هذه الجهات تساهم بشكل قوي ومباشر في توجيه أدمغة الشباب- سلباً أو إيجاباً- وتغذيها بما تنتجه المجتمعات الأخرى.
{ وبالتالي يتحكم ما ذكرته آنفاً في طريقة تفكير هؤلاء الشباب ويمضي بها إلى حيث منتهاها.. ومنتهاها هنا قد يكون في أغلب الأحيان ما لا تحمد عقباه.
{ لنفكر أولاً.. كيف يقضي شبابنا أوقات فراغهم- في الشارع أو مع الأصدقاء أو في الجامعة أو المدارس أو في أعمالهم إن وجدت.
{ خيارات استيعاب الطاقة الشبابية الهائلة التي تحتاج إلى من يحتويها ويوجهها بالشكل السليم شحيحة للغاية وتكاد أن تكون معدومة، وأغلبها لا يستطيع التأثير بقوة في هؤلاء الشباب.
{ لنستعرض سريعاً بعض آثار الجهات التي تؤثر في الشباب والتي أشرت إليها سابقاً.
{ الفضائيات والقنوات العربية وغالباً تدلق في عقول الشباب والمراهقين ثقافة أخرى ليس لها ارتباط وثيق بالحياة السودانية.. ثقافات معلبة داخل تلك الفضائيات بكل جموحها وعنفوانها وسلبياتها.. وتدغدغ فيهم غرائز قبل أن يحين اكتمالها للتوجه بالطريقة الشرعية المعروفة، فيصبح لدينا بالتالي شباب باحث عن إشباع غرائزه وشهواته ويصبح أسيراً لها لا يستطيع أن يخدم نفسه ولا أهله ولا وطنه.
{ صداقة أبناء بعض المغتربين الذين تربوا على منهج سلوكي يختلف تماماً عن ما هو موجود.. منهجاً وطريقة معيشة تختلف كلياً عن ما هو موجود، ما قد يحيل بعض هؤلاء الشباب إلى أسرى لما يرونه من بدائل في طريقة الحياة والمعاملة.
{ متابعة حفلات ولقاءات المطربين الشباب الذين يقدم بعضهم نماذج سيئة لهؤلاء الشباب.. ينحدر فيها بعضهم إلى أسوأ السلوكيات المحتملة.. ترنح بعضهم وسلوكياته الخاصة المنفرة تصدم المجتمع.. ولا يقف الأمر عند هؤلاء المطربين فقط، بل يتعداهم إلى من يتخذه بعضهم قدوة (يبارون) خطاه أنى حطت.
{ مواقع التواصل الاجتماعي، يحتفي الكثير منها بسواقط الأمور ويحفز على لغة رفض الآخر عبر ما يعرف إسفيرياً بثقافة (الردم) و(خشونة الردود)، فينشأ جيل متمرد على التسامح ويجد في طريقه كل مغريات رفض الآخر ونبذه وشتمه بأقذع الألفاظ.
{ هذا ما يؤثر في شبابنا اليوم بشدة.. يؤثر فيهم إلى الحد الذي خلق جيلاً معزولاً عن واقعنا.. جيل أقل ما يمكن أن يقال عنه (ضائع) لأنه لم يجد من يحاوره أو يشاركه همومه.
{ يحتاج أبناء هذا الجيل إلى من يحاورهم.. لا من يزجرهم.. يقوّم خطواتهم دون أن يراقبهم ويفرض عليهم سياجاً حديدياً، لأنهم لن يقبلوا وسيقاومونه بكل طاقاتهم (المكبوتة).
{ يحتاجون إلى إيجاد الدُور التي تستوعب طاقاتهم الإبداعية والإنتاجية وإفراز مواهبهم ورعايتها.
{ أغلب شبابنا اليوم عبارة عن طاقات مهدرة.. يقضون أوقاتهم في متابعة المطربين الشباب والانغماس في مواقع التواصل الاجتماعي والسعي دون هدى في الطرقات والشوارع.. نحتاج إلى مؤسسات تناقشهم.. وتمنحهم عمق الارتباط بالثقافات المحلية وإشعارهم بالأمن وأن مستقبلهم هنا في هذه الأرض وليس سواها.
*لم يكن فيديو (البيتش) هو الأول ..كما أنه لن يكون الأخير
*ولهذا فقط_ نطلق_ الآن أجهزة التنبيه المبكر..
{ أدركوهم قبل أن يصبح الأمر خارجاً عن السيطرة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية