* من يقنع الموسيقار “محمد الأمين” أنه مطرب صاحب بصمة عريضة في الإبداع السوداني، وأنه صار الآن من أكثر الفنانين الذين يعول عليهم لإبقاء الساحة الفنية على التزامها الفني ورسالة الفن، وهذا الأمر يتطلب منه أن يكون أكثر ديناميكية فيما يخص مشروعه الغنائي الضخم.. من يقنعه أن إعادة ترديد أغانٍ زاد عمر بعضها عن أربعين عاماً في حفلاته الجماهيرية يجعل أغانيه بلزماتها الموسيقية (محفوظة) و(منحوتة) في ذاكرة الناس ولا تثير فيهم شغفاً لتكبد عناء الذهاب إلى تلك الحفلات.. ومن يقنع “محمد الأمين” أن الأغاني التي (أكل عليها الدهر وشرب) تصيب جمهوره بأرق وضجر ولكنهم لا يظهرونه ربما تأدباً في حضرته.. وربما لأن بعضهم يعتقد أن (قديمه في حد ذاته جديد).. من يقنعه أن الفنان الحقيقي يظل في حالة قلق دائم وليس استكانة طال أمدها طويلاً مثلما هو الآن!!
{ من يقنع المطرب الشاب “سامي المغربي” أن إصراره على وضع تجربته الفنية (خارج دائرة الضوء) أمر كفيل بأن يضعه هو الآخر خارج دائرة التأثير ومن ثم يحكم على مشروعه الغنائي- إن وجد- بالإعدام مع سبق الإصرار والترصد، ففي وقت يوجد فيه مطربون أقل موهبة من “سامي” يملأون الفضائيات بأغانيهم (الفطيرة) يكتفي هو بالظهور بشكل متتابع ومكثف في بيوت الأعراس فقط.. من يقنع “سامي المغربي” أن الفن ليس (عدادات) فقط، وليس محاولة لجمع أكبر عدد من الأموال بـ(اعادة تقديم) ذات الأغاني التي سمعها الناس من قبل أكثر من عشرين سنة.. من يقنعه أن الفنان بجمهوره وتأثيره الإيجابي وقدرته على منح الآخرين تجربة غنائية مختلفة هو ما سيخلد اسمه!! اقنعوه بربكم.
{ من يقنع وزارة الثقافة أن دورها ليس إقامة الورش في (الصالات المغلقة والمكيفة)، وأن دورها الذي يدفع الشعب السوداني مرتبات العاملين بها من قوت أبنائه ليس مجرد (قرارات) تظل حبيسة أدراج (المكاتب الرطبة)، وأن الابتسامات الصفراء المعلقة على مشاجب (الوجوه البيضاء المنعمة) ليست مدخلاً حقيقياً لعلاقات الوزارة.. من يقنعها أن الفعل الثقافي الحقيقي يكون بالخروج إلى الشارع ودعم المبدعين الحقيقيين- وليس الموظفين- ومد يد العون لهم.. من يقنعهم أن عملهم الحقيقي يكمن في دعم الفعاليات الثقافية التي تبرز تنوع البلاد وتظهر جوهرها الذي كادت أن تمحوه كثرة الصراعات والإحن.. من يقنعها أن الثقافة السودانية هي دعم الثراء الذي تتميز به المكونات الإثنية المختلفة التي تميز بلادنا عن بلاد الدنيا كلها.. من يقنعها بأن تخرج إلى الشارع وتلتقي التشكيليين والشعراء والرسامين والفنانين والدراميين وتمنحهم الأمل وبعض (مدخلات العمل).. من يقنعها بذلك قبل أن تضيع تنبيهاتنا هدراً.. ويلفها النسيان!!
{ من يقنع إدارة قناة الهلال أن حشد نجوم التقديم البرامجي لن يحولها إلى فضائية ناجحة.. من يقنعها أن الأصل في البرامج المميزة هو عصب الفكرة وليس (الوجوه الممتلئة بالمساحيق) والمحتشدة بالملاحة.. من يقنعها أن حمل اسم (الهلال) الكيان الرياضي الأكبر في البلاد أمر بالغ الأهمية ويتطلب قدراً كبيراً من المهنية وخدمة اسم الفريق الذي عانى كثيرون ليصبح الاسم الأكثر تأثيراً في الحياة الرياضية السودانية.. من يقنعها أن مهمتها الأساسية تكمن في تقديم شروحات وتفسيرات منطقية لكل ما يحدث بالفريق وليس ملاحقة ومتابعة ما يحدث بالساحة الفنية او القضايا الاجتماعية .. من يقنع الإدارة أن خروج المنتجين المميزين ودخول مذيعات (مليحات) يمكن أن يحيلها إلى مجرد (أباجورة) تمنح الناس الفراغ وجوفها ممتلئ.
} مسامرة أخيرة
{ يوماتي تهاتي
وطن وطن
مع إنو أداك ميتة الغربة
واستخسر فيك كفن
{ “حميد” مخاطباً “مصطفى”..