شهادتي لله

” فيصل”.. السياسة قبل الحسم

كان لابد أن يغير الرئيس “البشير” في قيادة الحزب الحاكم المباشرة للعمل السياسي والتنفيذي، فقد شاهت صورة الحزب خلال الآونة الأخيرة، بما لا يمكن احتماله، وتراجع أداؤه، وصار معزولاً وبعيداً عن آلية صنع القرار في الدولة، وهو ما لا يتناسب مع قيادة حزب رئيس الجمهورية وصاحب الأغلبية في البرلمان .
ذهب الباشمهندس “إبراهيم محمود” ولا نحمله (كل) المسؤولية عن حالة التراخي والقصور في الحزب، فالمسؤولية مشتركة شاركت فيها جهات عديدة في الدولة، كانت فكرتها أن ينسحب الحزب لتعمل الحكومة، ولكنها اكتشفت أخيرا أن انسحاب الحزب أدى إلى ضعف الحكومة وليس العكس، وذلك بغياب مواعين الشورى والرؤى ومراكز التفكير .
قدم “إبراهيم محمود” ما عنده وفق المساحة المخططة أمامه للبناء، وتحرك في إطار المسار المرسوم له في الحزب، لم يبادر.. ولم يصادم، ولم يأخذ الأمر بقوة، وآثر السلامة، فغادر الموقع الذي لا يقبل قوياً متجاوزاً.. ولا ليناً متساهلا !!
وفي مغادرة “إبراهيم” تذكرة للمنسحبين عن الفعل والأضواء من المستوزرين والدستوريين الذين تداولوا حكمة في ما بينهم منذ زمن طويل، مفادها أن: (البعيد عن الضوء.. وقريب من الحيط.. يعمر كثيراً في الكرسي) !!
فهاهو الباشمهندس الرقيق المهذب يغادر، وقد كان قريباً من الحيط ولم يفارقه إلا عندما علم بدنو موعد القرار، فخالف وجاهر بالمخالفة، وما فعل ذلك في عامه الأول ولا الثاني !!
وحكمتنا لهؤلاء وأولئك – مع أننا لسنا من المستوزرين ولكن من المراقبين المتابعين، وأسأل مراقب ولا تسأل وزير – أن أدوا أماناتكم بقوة، أظهروا وفق المتاح وحسب مقدراتكم في الظهور، فالذي لا يحسن التعبير عليه بالحيط، اعلموا بجد وكد واجتهاد وإخلاص لهذا الوطن، فأنتم في كل الحالات ذاهبون ولو بعد حين، سواء أن (ظهرتم) أو (لبدتم) .
كان وما يزال “إبراهيم محمود” رجلاً محترماً.. ومؤدباً.. وصاحب قدرات، وأبرز قدراته تجلت في قيادته الماهرة لفريق التفاوض الحكومي مع الحركات في مساري مفاوضات “أديس أبابا”، أحسن في هذا الملف، فيما لم يوفق في الحزب لظروف مختلفة لا يسأل عنها جميعاً .
الفرصة الآن أمام مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس الحزب الذي اعتمده المكتب القيادي ليل أمس الدكتور “فيصل حسن إبراهيم” ابن “كردفان” الجميلة، وهو مسؤول التنظيم السابق بالحزب، عرف بالجدية.. والصرامة.. والحسم، وطهارة اليد واللسان .
غير أننا ننصح نائب رئيس الحزب القادم بقوة، بالمزيد من الانفتاح على الآخر.. بالمزيد من الجماهيرية والشعبوية.. والحيوية في لقاء الآخر.. سواء كان الآخر حزباً معارضاً أو فرداً موالياً .
البلد تحتاج إلى ساسة محاورين.. مثقفين ومفكرين.. ولا تحتاج إلى (حاسمين) و(صارمين).. لا نريد رجالاً وجوههم كالحجارة.. وإن من الحجارة لما يشقق فيخرج منه الماء، بل نريد رجالاً ينضح الفرح في محياهم، ويرقص الأمل في كلامهم .
نبارك لدكتور “فيصل”.. ونأمل أن يكون عند حسن الظن به من الرئيس والمكتب القيادي الذي صوَّت له .

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية