في انتظاركم!!
{ملايين السودانيين في الشمال والجنوب ينتظرون بالأمل والرجاء أن تعود لحظات الصفا، وتجري مياه العلاقة بين الخرطوم وجوبا لمستقرها اليوم إذا قدر للرئيسين تجاوز ما صنعته الحكومتان لنفسيهما من متاعب وشقاق، وما حصده الشعب من ضيق في العيش ونكد في الدنيا بعد انفصال الجنوب برضاء الشمال..
{ نحن شعوب العالم الثالث أقدارنا ومصائرنا معلقة على رقاب حكامنا، هم يقررون متى نستريح من رهق الحروب، ومتى تموت الشعوب بالجوع والإملاق، ومتى تتسول لقمة عيشها وتمدّ يدها في ذل ومهانة ليطعمها العالم الأول، وكل أسباب الرفاه والعيش الكريم على مقربة من مضاجع حكامنا.. ولكن الشعوب المقهورة في الأرض لا تقرر مصائرها، ولم تنهض بعد مؤسسات تمثلها وتتخذ قراراتها بما تمليه عليها رغبات شعبها.. نحن شعوب العالم الثالث نضع أحلامنا وتطلعاتنا ومستقبل أطفالنا في أعناق قادتنا الذين هم وحدهم يقررون في مصائرنا..
{ ملايين السودانيين يحدوهم الأمل في لقاء الرئيسين “البشير” و”سلفا كير” لطي صفحة التنازع واختيار السلام طريقاً يستمد منه الرئيسان أوكسجين بقائهما على كراسي الحكم معاً.. وفي الحرب (زعازع) قد تؤدي بأحدهما أو كلاهما إلى خارج أسوار قصره.. والحرب هي فكرة في (مخيلة) السياسيين، ينفذها الجنود في ميادين القتال وضحيتها الشعب (الأعزل) خاصة الفئات الضعيفة البعيدة عن مراكز القرار.. وللحرب وجه آخر بطبيعتها، في مناخ الحرب (يثري) البعض ويمتلك الأرصدة في المصارف، ويطوف دول العالم، وينام على وسائد من حرير، وغيره يفترش الأرض ويلتحف السماء.. الحرب عند البعض قصص جميلة لتزجية الفراغ وعائدات مشتروات السلاح والذخائر والمركبات والوقود.. والحرب دموع وأسى وحرمان وصرخات في هجعة الليل وأخبار مفجعة.. وبيد الرئيسين “البشير” و”سلفا كير” اليوم إنقاذ آلاف الأرواح وكتابة تاريخ جديد لقائدين تاريخيين.. “البشير” هو من اتخذ قرار وقف الحرب حتى لو كان الثمن أن يذهب ثلث أرض السودان القديم، و”سلفا كير” هو القائد الجنوبي الوحيد الذي أشبع رغبة أهل الجنوب في تحقيق ثمرة نضال طويل لأجيال تعاقبت وآلاف سقطوا، وتحتضن تربة الجنوب ما يكفيها من رفات وجثث كفاح الدرب الطويل..
{ حري بالقائدين “البشير” و”سلفا كير” إنقاذ الشعب الواحد المنقسم لشعبين من الموت بالتنازلات المشتركة.. إذا تخلى “البشير” عن خمسين كيلومتراً لـ”سلفا كير” هل سيحملها الأخير على ظهره بعد طيها كـ (البرش) ويقدمها هدية لإسرائيل؟ أم تبقى الأرض والجوار ما طلعت الشمس وغاب القمر؟.. وماذا سينقص من (قدر) “سلفا كير” إذا تنازل عن مائة كيلومتر من الأرض للشمال الذي كان يملك كل الجنوب، وقد حقق هو للجنوبيين ما كان حلماً بعيد المنال.. السلام فكرة والحرب فكرة.. لكن متى يختار قادتنا خيار شعب آن له أن يغني ويفرح ويأكل ويشرب الماء النقي، وتنقشع سحابة الحزن التي خيمت على بلادنا منذ سنين عدداً.