الديوان

وفيات الأمهات : الرعاية الصحية وتأهيل القابلات تقلل النسبة

رغم انخفاضها الكبير خلال العشر سنوات الماضية من (59) حالة إلى (16)، لكل (100) ولادة حية، ما تزال نسبة معدلات وفيات الأمهات عالية بالسودان، ولأن الأم هي الراعية الأولى للمولود والكنف الذي ينشأ فيه الطفل ويتربى، فلابد من العمل الدؤوب والمثابر لتخفيض هذه النسبة، وذلك بتوفير الخدمات الصحية ورفع الوعي الصحي والاجتماعي للأمهات، وتعد هذه القضية إحدى أهم بنود الصحة الإنجابية وتمثل الهدف الرئيس لبرنامجها الألفية الإنمائية.
وكغيره من دول العالم الثالث يعاني السودان من ارتفاع نسبة وفيات الأمهات،  ويعزي كثيرون الأمر إلى تفشي الجهل والتخلف والفقر، ولأن وفاة الأم تعني تفكك وضياع مجتمع بأكمله، فإن هذه القضية تعتبر مسؤولية المجتمع والدولة، ولا بد من وضع تدابير مشتركة تعنى بحياة الأم، وبالتالي حياة الأمة كلها.
كيفية تقليص نسبة الوفيات
خطى حثيثة تجري على قدمين وساقين من أجل خفض هذه النسبة والقضاء على هذه الكارثة، بل صار للأسرة والفرد والمجتمع ومنظمات المجتمع المدني دور كبير في هذا المجال، إلى جانب وسائل الإعلام كافة التي ينبغي أن تقوم بدورها في النصح والإرشاد ورفع الوعي الصحي لدى الأمهات ما يسهم بفعالية في تقليل نسبة الوفيات المرتفعة.
وفي السياق أشارت ورقة ” دور وسائل الإعلام في خفض وفيات الأمهات” التي قدمت في الملتقى التفاكري، حول مناصرة وسائل الإعلام في خفض أسباب وفيات الأمهات، الذي نظمته الإدارة العامة للمرأة والأسرة بوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان الأحد الماضي، وأعدتها الأستاذة ” وداد عيدروس” الإعلامية والمهتمة بقضايا المرأة، أشارت إلى ضرورة تضافر الجهود لمكافحة أسباب ارتفاع نسبة وفيات الأمهات، وأن الإعلام  المباشر هو أكثر الوسائل فعالية نسبة لظهور ردود الأفعال في ذات اللحظة، كما حثت الورقة على ضرورة استمرار الندوات والمحاضرات وورش العمل والسمنارات، والزيارات المنزلية، وتكوين مجموعات وحلقات نقاش للوصول إلى برامج مثلى.
وفاة امرأة في كل دقيقة
وكشفت الورقة عن أن (600) ألف امرأة يتوفين سنوياً في كل دول العالم بسبب الحمل والوضوع، أي وفاة واحدة في كل دقيقة، وأن (99%) من هذه الوفيات تحدث في الدول النامية، والسودان من بينها، وأضافت: عندما يضرب هذا العدد في (15) يعطينا عدد اللائي يتعرضن لمضاعفات الحمل والوضوع.
وناشدت الورقة بضرورة العناية والاهتمام بصحة المرأة والرجل منذ الميلاد وإلى نهاية العمر، أما في إطار القضايا المتعلقة بالصحة الإنجابية والتي تتضمن الصحة الجنسية المتمثلة في الأمراض المنقولة جنسياً والإيدز وصحة البالغين والإجهاض،  والقدرة على التمتع بحياة جنسية آمنة والحصول على خدمات تنظيم الأسرة والرعاية الصحية قبل وأثناء وبعد الولادة، طالبت الورقة بأهمية إيلائها مزيداً من الاهتمام والعناية.
خطر العزوف عن الأمومة والإنجاب 
وبما أن وفاة الأمهات عند الإنجاب والحمل، يقود لاحقاً إلى عزوفهن عن الولادة وزهدن في الأمومة، فلا بد من الاحتياط عبر الرعاية الصحية المباشرة لتفادي الأسباب المُسببة للوفيات مثل النزيف قبل الولادة أو بعدها أو مع الإجهاض أو (الكلبش)، أو أسباب تعسر الولادة، وحمى النفاس والالتهاب والجلطة ومشاكل التخدير، وغيرها.
ومن ناحيتهم يؤكد علماء الصحة الإنجابية ضرورة متابعة (الرعاية الصحية) أثناء الحمل على الأقل (5) مرات لتقليص المشاكل التي تصاحب عملية الوضوع، وهنا لا بد من الإشارة إلى الأسباب غير المباشرة في وفيات الأمهات مثل الأمراض السابقة للحمل أو التي تتزامن معه، بجانب الملاريا، التهاب الكبد الوبائي، الإيدز، أمراض القلب، والسل تساعد على ارتفاع معدل وفيات الأمهات.
الولادة.. رحلة محفوفة بالمخاطر
من جهته أكد مساعد الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان ” د. أنس جابر” أن وفيات الأمهات كارثة تحل بالمجتمعات التي تفتقد فيها الأسرة للرعاية الصحية،  ولها أثر سلبي على صحة الأطفال الجسدية والنفسية، وشدد ” د.أنس” على ضرورة إيلاء الفتيات الرعاية الكاملة منذ الطفولة ومروراً بالمراهقة، حتى الزواج.
وأشار إلى أن البلدان المتقدمة يكاد ينعدم فيها هذا النوع من الوفيات نتيجة للاهتمام بالرعاية الصحية الأولية، بعكس البلدان النامية والأفريقية منها على وجه الخصوص، حيثُ ترتفع النسبة بصورة مذهلة، وتكون عملية الولادة رحلة محفوفة بالمخاطر. وأكد في سياق حديثه التزام الصندوق في دورته السادسة بالبرنامج القطري 2013- 2016م، الذي يركز على تقليل وفيات الأمهات.
هيكل وظيفي للقابلات
وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي ” أميرة الفاضل” قالت إن الدولة لديها استراتيجيات واضحة أهمها السياسة القومية لتمكين المرأة، داعية إلى المناصرة من أجل خفض وفيات الأمهات باتخاذ قرار داخل الأسر والمجتمع والدولة، وأكدت أنه برغم انخفاض مؤشر الوفيات، إلاّ أن الأمر ما زال دون الطموح، ودعت الدولة وأجهزتها المعنية بالمرأة بجانب المنظمات والشركاء إلى مزيد من الاهتمام والدعم في ما يلي صحة الأم والصحة الإنجابية من خدمات توعوية وصحية.
وأقرت الوزيرة بوجود قابلات يضطلعن بمهمة التوليد في بعض الولايات إلى الآن، وطالبت بتدريبهن ما يسهم في خفض وفيات الأمهات والإسهام في محاربة العادات الضارة كختان الإناث الذي يعوق عملية الوضوع، ويعرض الأم  للناسور البولي والشرجي ما يسفر عن وفاتها أو وفاة الجنين أو الاثنين معاً. ونادت ” أميرة الفاضل” بتأمين القابلات وإدخالهن الهيكل الوظيفي ليسهمن في نشر الوعي الصحي الأولي باعتبار أنهن جزء أصيل في وزارة الصحة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية