نساء 2017م
تظلم المرأة حينما تصبح مضافاً للرجل الناجح.. ويقولون وراء كل رجل عظيم امرأة.. فلماذا لا تصبح أمامه.. وبالتالي ينسب لها النجاح.. وفي العام المنصرم كان للمرأة في السعودية نصيباً كبيراً من رد الحقوق.. بالسماح لها بقيادة السيارة وحضور حفل غنائي مغلق.. بيد أن أزمتنا في (رد الحقوق).. من سلبها؟ وكيف؟ ومتى تعود جملة لا بالقطاعي.
في العام المنصرم كانت أمينة المرأة بالمؤتمر الوطني “زينب أحمد الطيب” نجماً في سماء البلاد.. بعيداً عن المنصب التنفيذي في جهاز الدولة وحقائب الحكومة المهترئة.. نحتت المرأة الأربعينية بأظافرها أسباب نجاحها.. قدمت “زينب” من بيت إدارة أهلية يقع في بادية التعايشة في أقاصي غرب السودان.. حظيت دون رفيقات دربها برعاية من أسرتها.. حتى الجامعة.. وبذلك أصبحت (شامة) في خد محلية رهيد البردي.
اختارت حركة الاتجاه الإسلامي بالجامعة خطيبة وتنظيمية دقيقة.. ارتباطها بـ”حسبو محمد عبد الرحمن” جسر دروب شائكة ما بين رعاية الأسرة ورعاية التنظيم.. بعرق.. جبينها وخدمة ضراعها، اختارت جموع نساء وطني الأكثر عدداً من رجال الوطني أمينة للمرأة بعد أن كان الموقع تتخاشن فيه النواعم بالأظافر لكنها صبت مياه باردة في النيران المشتعلة وجمعت شعث الفرقاء وألفت بين تيار شبابي صاعد وتيار (الخالات) الساكن وفي منابر الحزب.. وطواف قياداته على الولايات، أثبتت “زينب الطيب” قدرات.. وإمكانيات.. وصبر على الأسفار والرهق.. ولم تقدم نفسها كسيدة في القصر تحيط بها هالات الضوء بقدر ما كانت.. أماً رقيقة القلب متواضعة شكلاً ومضموناً.
في الساحة السياسية برزت “إشراقه سيد محمود” الوزيرة السابقة في جبهة الحزب الاتحادي الديمقراطي.. وبعد شعورها بالظلم.. وإحساسها بالتهميش في التشكيل الوزاري.. وخروجها من الباب الضيق.. لم تذعن “إشراقه” للواقع.. وتنتظر الرحمة من قادة الحزب وقد رفعها أهلها في عطبرة إلى قمة التمثيل.. بالبرلمان خاضت معركة قصيرة مع الأمين العام للحزب.. د.”جلال يوسف الدقير” الذي انتابته وساوس وشعور بأن “إشراقه” التي نشأت في مفاصل الحزب لن تخونه هكذا.. وتقود حملة للإطاحة به من قيادة الحزب.. أختار “جلال الدقير” الخروج عبر مطار الخرطوم مبتعداً عن الحزب وفي نفسه شيء من شريكه الوطني.. الذي حرض حسب اعتقاده بعض النافذين “إشراقه” لخوض معركتها مع “جلال” لتنتصر المرأة ذات الوجه الطفولي والجرأة والصرامة وبعد إزاحة د.”جلال” اعتقدت “إشراقه” أن (خليفته) د.”أحمد بلال” يمكن ترويضه وإرغامه على دخول بيت طاعتها، لكن الرجل رفض الإذعان للمرأة الحديدية.. وتصاعدت مرة أخرى المعركة.. لتكسب “إشراقه” الكثير من قواعد الحزب وتزلزلت الأرض تحت كرسي د.”أحمد بلال” الذي لم يجد طريقاً غير الانخراط سياسياً في حملة ترشيح “البشير” واستخدامها في صد هجمات “إشراقه” التي توغلت غرباً حتى مسقط رأس “حميدتي”.. وجنوباً حتى كادقلي وشمالاً إلى أرقين لتضع بلال في موضع الدفاع عن النفس.
ربما لم يقرأ كثير من السودانيين رواية (أنثى الأنهار)… للدكتورة “إشراقه مصطفى” التي تقيم هنالك في وسط أوروبا.. ولكن قبلها هنا في أم درمان ومدني وكركوج وجزيرة بدين.. و”إشراقه مصطفى” كاتبة متميزة وروائية تنحت بأظافرها على الورق.. ووجد كتابها أنثى الأنهار ذيوعاً.. وانتشاراً وسط النخب والمثقفين العرب وتحقق لها ما لم تحصده روائية سودانية، وهي ثمرة لمغامرات د.”نور الهدى” صاحب دار عزة في نشر روايات لشباب لا يأبه لهم أحداً.. وقد خرجت د.”إشراقه مصطفى” من رماد التجاهل إلى فضاء الشهرة في العالم لأنها امتلكت ناصية اللغة والخيال.. والإبداع فأصبحت من نجوم العام الذي رحل.