أخبار

بلا بشريات!!

يعيش غالب الشعب السوداني أوضاعاً معيشية بالغة السوء.. وتردياً اقتصادياً للبيوت المسكونة بالأحزان والخوف والصبر.. على أمل أن تتحسن الأوضاع، بيد أن في كل يوم تتصاعد أسعار كل شيء.. الخبز، لبن الأطفال، لحمة السليقة، بعد أن أصبحت (الشية) ترفاً لأهل الحظوة والمال الوفير.. وتآكلت مدخرات الأسر وبات الناس يهيمون في الشوارع كالسكارى وما هم بسكارى لأن وطأة الفقر شديدة، وغلاء الأسواق وتدهور قيمة العُملة الوطنية جعل الحياة قطعة من نار جهنم قبل قيام الساعة.
في سنوات خلت كانت الحكومة تطلق الوعود بتحسن في الأداء الاقتصادي مع كل ميزانية جديدة.. لكن الآن أصبحت نهايات العام وبدايات العام الجديد لا تحمل في طياتها إلا نذر الشؤم.. وزيادة الأسعار وتدني الخدمات.. والتلويح والتلميح برفع الدعم عن المحروقات وزيادة سعر الكهرباء.. وغاز الطهي.. ولا زيادة في الأجور والمرتبات ومضاعفة ميزانية الدفاع والأمن وخفض الاعتمادات المالية للتعليم والصحة والرعاية الأولية.. وقد توقفت تماماً مشروعات الطرق إلا نذر يسير جداً.. وتوقفت الحرب في كل السودان، ولكن الأوضاع الاقتصادية لم تتحسن، اتجهت الحكومة للغرب وقدمت التنازلات للولايات المتحدة، وخطبت ود السعودية والإمارات، دافعت عن الأراضي المقدسة، وقاتلت كقوة ضارية في أرض اليمن.. ولم تحصل على أي شيء من العرب البخلاء علينا والكرماء على حضرة “ترمب” وأخيراً كانت زيارة الرئيس لروسيا لفتح أبواب أخرى.. لكن روسيا قد تحل جزءاً من مشاكل البلاد في الحصول على السلاح وتأمين احتياجات الجبهة العسكرية، ولكن كيف يتم تأمين حاجيات الأسر من اللبن والرغيف وجرعة الدواء وكوب الماء النظيف والطرق الإسفلتية.
اتخذت الحكومة إجراءات بوقف استيراد سلع كمالية للأسر المترفة والبيوت المخملية.. وشملت محظورات الحكومة تسع عشرة سلعة.. هي حلاوة الطحنية والأسماك التي كانت تأتي من تايلندا وتؤكل في الخرطوم والخضروات والفواكه والمكرونة الخليجية والشعيرية الإماراتية والمصرية والتركية والزهور الصناعية وطيور الزينة والمنظفات ومراتب الأسفنج.. وسلع أخرى لا تعني شيئاً لأن جملة المبالغ التي يتم توفيرها من عائدات حظر هذه السلع لا يتجاوز ما تدفعه الدولة من عُملات صعبة مقابل الأثاث الذي يأتي من الصين وتايلاند. وما يهدر من عُملات في استيراد الألبان والشعب السوداني الذي تطحنه الأسعار لا يشتري طيور الزينة ولا شأن له بالأسماك التي تأتي من تايلاند.. ولا المكرونة الخليجية والشعيرية الإماراتية.
غالب الشعب يريد انخفاض في سعر دقيق طابت والفتريتة والدخن.. وتوفير الدواء عبر التأمين الصحي وثبات في تعريفة المواصلات.. وتحسين المعاشات.. وخفض أسعار الكهرباء.. لكن الحكومة لا تشعر بما يحدث في الجبهة الاقتصادية ووزير المالية يعيش في عالم آخر.. وقد اضطر الرئيس وهو ينظر لفشل المالية وبنك السودان في كبح جماح سعر الدولار للنزول بنفسه، وتولى ملف الاقتصاد مؤقتاً.. وكان لإجراءات الرئيس الأثر البالغ في وقف تدهور العُملة الوطنية واستقرار الأسعار في الأسواق.. ولكن إلى متى يظل هذا الواقع شاخصاً والمواطنين يكابدون لقمة العيش الشريفة والسلطات تشهر سيوفها في وجه الفقراء وتخفض جناح الذل والرحمة لمن لا رحمة لهم.. من الجشعين الذين يعيشون مترفين على حساب الأغلبية من هذا الشعب المطحون.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية