الساعة البيولوجية…ربكة المواعيد (القديم) و(الجديدة)
زمني الخائن
تقرير- نهلة مجذوب
إرجاع الزمن ساعة للوراء والذي كان بقرار مجلس الوزراء وطُبِّق اعتباراً من الأول من نوفمبر الجاري. 17عاماً، قضاها السودانيون في هذا التوقيت الذي لم يكن مقبولاً بشكل كامل وقتها، وإعادة السودان إلى التوقيت الدولي، أجيز ونفِّذ كونه أحد توصيات الحوار الوطني لإعادة الساعة لوضعها السابق بتأخيرها (60) دقيقة، والعمل بالتوقيتين الصيفي والشتوي في دواوين الحكومة.
ولكن طول الفترة جعل الناس في ربكة حقيقة أمام تغيير الزمن الجديد، ويشتكي الآن كثيرون من عدم مراعاة التوقيت الشتوي في أماكن العمل.
ومنذ اليوم الأول لإرجاع الساعة للوراء لم توفق يومها العديد من شركات الاتصال من ضبط بطاقات الاتصال تلقائياً، فكان معظم الناس منتظرين لتغيير الزمن أوتوماتيكياً. في هذا الجانب قال الشاب “ياسر شكري” إنه قام بإرشاد كثيرين من أهله وأصحابه ومعارفه بأن يضبطوا هواتفهم النقالة على توقيت القاهرة 2 بلص، ليتغيَّر الزمن الجديد.
كثيرون يقولون إن الناس اعتادوا لسنوات طوال على (الزمن الغلط) – على حد تعبيرهم، مبيِّنين بلا شك أن عودته، أيضاً، ستحدث ربكة، وقال الموطن “عامر”: (الجوطة لسه حاصلة) فيما يتعلَّق بمواعيد يربطها مع آخرين يستفسرون كثيراً عن الزمن بالجديد ولَّا القديم، وأضاف: وأن كان القديم الأصل ويتسق مع التوقيت العالمي.
تغيير الزمن أحدث ربكة لكثير من الناس، فالعديد من جهات العمل لم توجه منسوبيها بتغيير الزمن في الحضور أو انتهاء الدوام أو مواعيد الاجتماعات، ما جعل معظم العاملين يسألون ذات السؤال (بالجديد أو القديم)، فكان بعضهم ضحية للمحاسبة والخصومات من الراتب، وأن تسلَّق البعض الزمن حيلة تأخره.
زمني الخائن
لقاءات الأصدقاء والمحبين شابها اضطراب الانتظار والملل وتأخر البعض والنسيان، فبعضهم مازال متمسكاً بأن لا يجر عقارب ساعة للوراء، باعتقاده أن ذلك سيربك زمنه..وفي هذا الجانب يحكي “خالد صالح” في بداية تغيير الزمن انتظر لقاءً مهماً في ساعة محدَّدة، ولكن فشل اللقاء، وعندما التقى مع من وعده وأبدأ تذمَّرا ضحكا وقالا : زمني الخائن، في إشارة إلى أن الزمن هو الذي خانه، ويضيف أن كثيرين أصبحوا يبرِّرون تأخيرهم عن المواعيد بسبب تغيير الزمن وأنهم لم يضبطوا ساعاتهم بالتوقيت الجديد.
المواطنة “سهي” تقول إنها مع الزمن الجديد، دائماً ما تجد نفسها مقتبسة من الأغنية (بين اليقظة والأحلام)، ومنذ الفجر تبدأ بمراقبة جوالها عن زمن خروج أطفالها للروضة ومن ثم خروجها لجامعتها.
فيما يرى “سامي السر” أن الزمن الحالي أفسح فرصاً ليجد الشخص براحاً للوقت مع نفسه، خاصة في الصباح وعند السماء، وأشار إلى مدة حفلات المناسبات، وقال كانت الحفلات تنتهي مبكراً عند الحادية عشرة ليلاً، وأضاف: أصلاً الفنان بيجي 9 أو تسعة ونص، وكثيراً ما يمر الوقت وينتهي في ظل تأخير العروسين أو الفنان لزحمة الطريق أو بحجة انتهاء الزمن المُصرَّح بها 11 ليلاً.
مؤسسات الدولة ودواوينها وقعت في فخ الزمن في أيامه الأولى، وكانت الربكة واضحة فلم تغيِّر جهات عديدة مواعيد عملها الرسمية، ما أربك العاملين فيها، وكان تأخر النواب بايناً في أحد جلسات مجلس الولايات في بداية أيام تغيير الزمن ولم يعدِّل المجلس جلسته المعتادة 11صباحاً، في ورقة المحضر، ما آخر عدداً من الصحافيين والنواب وفي الجلسة التي أعقبتها. انتبه المجلس وعدَّل المواعيد للعاشرة صباحاً. بدلاً من جدال 11بالقديم و10بالجديد، هذا بجانب تأخر الكثيرين ناسين أو غافلين عن الاجتماعات والمحاضرات والمؤتمرات وورش العمل، هل بالجديد أم القديم؟.
يقول “فؤاد سراج”: نعم أنا شخصياً تحدث لي ربكة، وأضاف إنه أصبح كثير السؤال عن الزمن، كم الساعة الآن؟، ويسأل عن الدوام بالتوقيت القديم أم الجديد؟ وإذا دعا إلى أي مناسبة، وأوضح إنه وفي مرة من المرات وجد نفسه حضر مبكِّراً جداً لأنه تعامل مع التوقيت القديم ما سبب له إحراجاً كبيراً مع أهل المناسبة، وقال في سره: (الجماعة ديل هسه يقولوا الزول الشفقان دا جا بدري كدي مالو)، فقد نسي في ذلك اليوم، فرق التوقيت .وأكد أنه إلى الآن لم يحرِّك مؤشر ساعة هاتفه وشغالة بالتوقيت القديم، ولكن يرجع ويرى أنه في الأول والأخير عملية نفسية، ويمكن أن يعتاد على ذلك بعد فترة طويلة من الزمن.
ويوضح “صالح الخير” أن من إيجابيات التوقيت الجديد هو أنه أعطى مساحة أوفر وأكبر لامتداد مناسبات الأفراح ساعة إضافية، فبعد أن كانت الحفلات تنتهي في الحادية عشرة أصبحت تنتهي الثانية عشرة، ما يسعد الناس بأن تتواصل أفراحهم ساعة من الزمن.
دولاب الدولة الآن يدار التوقيت الجديد، ولكن ما زال كثيرون لا ينتبهون لهذا الفارق ويضعون ساعة من زمنهم.
ووصف البعض أنه وفي الوقت السابق كانوا في سجن زماني وكنا خارج المنظومة العالمية.
وبحسب الاختصاصية النفسية “سلمى خالد” أن الجسم يضبط أنشطته على ساعة بيولوجية محدَّدة. وجود تنبيهات يصدرها ومتوافقة مع الساعة، وبالتالي فإنه مع ثبات الأنشطة وإرجاع الزمن ظاهرياً لمدة ساعة سيتسبب لا محالة في كثير من المشكلات البيولوجية، كالخمول واضطرابات النوم وغير ذلك من مشكلات البطن.
ويرى خبراء أنه ما لم يُحسن الناس التعامل مع الزمن الأصل فإن كثيراً من العلائق ستتلف بسبب المواعيد، ولابد أن ينتبهوا لقيمة الزمن في أي تعامل كان، في ظل أن هناك من يستفيد من ربكة الساعة وهم الباحثون عن الإفلات من موعد، فيمكنهم الالتجاء بيسر لحيلة، مقصدك هو القديم أم الجديد، ويبرِّر لهم البعض كونهم تآلفوا لسنوات على ما هو خاطئ لحين أن يثبت للناس الصحيح.