عودة الرئيس للولايات (1)
{ منذ انتخابات 2015م التي حملت “البشير” لكرسي الحكم لدورة تنتهي في 2020م لم يطُف الرئيس الولايات السودانية غير المتحدة، إلا زيارات محدودة جداً لاستفتاء دارفور وللأبيض والنيل الأبيض لمناسبتي الدورة المدرسية.. وحاول النائب “حسبو محمد عبد الرحمن” سد الفراغ بجولات طاف فيها جميع الولايات حتى جاءت التعديلات الأخيرة التي مركزت السلطات في رئاسة مجلس الوزراء، وأصبح النائب “حسبو محمد عبد الرحمن” بكل عنفوان شبابه وحركته الدؤوبة ينتظر تكليف الرئيس له.. في الوقت الذي استغرقت فيه الملفات الشائكة في مجلس الوزراء وقت وجهد النائب الأول الفريق أول ركن “بكري حسن صالح”.. وقد حدث فراغ في الولايات التي تعمل بدفع (الرئاسة)، إذا غابت عنها توقفت المشروعات التنموية، ولا يخضع الولاة لرقابة جهاز تشريعي ويضعون الحزب في جيوبهم الكبيرة.. وزهد الكثير من القيادات في الحكم والإصلاح وأخذوا لهم مقاعد في صفوف المتفرجين على ما يحدث.
{ الرئيس في الفترة الأخيرة عاد للولايات بحيوية ونشاط وهمة أعادت للحكم بعضاً من بريقه المفقود وتم إحياء نشاط الجماهير لتعود لساحات اللقاءات.. وقد أمضى الرئيس في جولته (النصفية)، أي نصف الدورة الرئاسية، يومين في ولاية غرب دارفور وثلاثة أيام في جنوب دارفور، وأحدثت زيارة الرئيس أثراً سياسياً على الأوضاع في دارفور.. ثبت حكم الوالي “آدم الفكي” الذي نازعه بعض القيادات بأموالهم وجيروا قبائلهم لمعركة البحث عن طريق عودة إلى كرسي الحكم.. وزار معسكر (كلمة) وخاطب النازحين لأول مرة منذ 2003م وكسر الطوق المفروض على المواطنين في المعسكرات.. واليوم تنتهي زيارة الرئيس إلى الجزيرة التي شهدت عودة الناس للالتفاف مرة أخرى حول الإنقاذ.. وانتصر الرئيس للوالي “محمد طاهر أيلا” قناعة منه بعطائه في ساحة التنمية والعمران رغم اختلاف أهل الجزيرة حول سلوك الوالي وطرق تعامله مع الذين لهم رأي وموقف.. وحلّ الرئيس مجلساً منتخباً من أجل والٍ معين، وبرر بأن رضا المواطنين عن الولاة هو المعيار الأول في بقائهم وذهابهم.. و”أيلا” لا خلاف حول نجاحه في كسب قاعدة كبيرة خارج دائرة الإسلاميين و(المؤتمرجية)، وبعد أزمته مع المجلس التشريعي هرع إليه كل الذين يبغضون الإسلاميين ويتمنون زوال حكمهم وتصدع صفهم.. وخلال مخاطبات الرئيس لمواطني الجزيرة، طالبت القيادات السياسية من خارج المؤتمر الوطني ومن طرق صوفية ومزارعين بإعادة ترشيح “البشير” مرة أخرى مثلما فعل الشرتاي “عمر قندولي” في منطقة شطايا.. وحينما تتواتر المطالبات من المزارعين في الجزيرة، والنازحين في دارفور، وأهالي المنطقين في النيل الأزرق وجنوب كردفان، وسيأتي- متأخرين جداً- النخب والمثقفين، فعلى المؤتمر الوطني احترام رغبات هؤلاء!! ولم تأت مطالبات الجماهير لأسباب عاطفية محضة، لكن غياب “البشير” عن ساحة الولايات جعل الناس يشعرون بالخوف من غياب الرئيس الأبدي إن هو ترجل عن السلطة وتنازل عنها لأي من القيادات الذين حوله.
{ في مخاطبات ولاية الجزيرة رفع الرئيس الوالي “أيلا” إلى مقام من يأنس فيه الأهلية لخلافته في منصب رئيس السودان، وهي ثقة لم ينطق بها الرئيس من قبل لأي من المرشحين المحتملين لخلافته.. الفريق “بكري حسن صالح” أولاً، والفريق “عوض ابن عوف” ثانياً.. والرئيس الذي لا يميز بين أبناء السودان على أساس اللون والانتماء القبلي والجغرافي قال إن “أيلا” إذا تم ترشيحه لمنصب الرئيس من قبل أهل الجزيرة فإنه سيقف معهم.. لكن، هل “أيلا” الذي فشل في جمع سكان ولاية واحدة مؤهل لحكم السودان بولاياته المتعددة.
(غداً نواصل)