شهادتي لله

"البشير" في الجزيرة (2-1)

{ ولأنها الجزيرة.. خلاصة أهل السودان وبوتقة شعوبها وقبائلها وثقافاتها، كان لابد أن تكون مشاهد الاستقبال في قراها ومدنها لرئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” مختلفة جداً، فالكرم المتجاوز.. والبشاشة والترحاب.. خطوط أساسية في ملامح شخصية إنسان الجزيرة، وعندما يجتمع الدافع السياسي بمركوز القيم والأخلاق النبيلة تسطع الصورة الباهية في أروع تجلياتها! 
{ زيارة الرئيس “البشير” لولاية الجزيرة مباشرة بعد قراره إعلان حالة الطوارئ بها وحل المجلس التشريعي، فتحت الباب على مصراعيه للتساؤلات والتكهنات حول تداعيات صراع حكومة الجزيرة ومجلسها التشريعي ومضاعفاتها، وربما تأثيراتها السالبة على الزيارة، ما يمكن أن يؤدي لفشلها أو إضعافها، خاصة على صعيد التفاعل الشعبي معها.
{ لكن المدهش حقاً أن خروج الجماهير في كل المدن والقرى التي زارها الرئيس خلال اليومين الماضيين كان استثنائياً وأكبر من توقعاتنا جميعاً، من كان ضمن الوفد الرسمي ومن كان خارجه من متابعي أزمة الولاية الأخيرة.
{ خرج الناس في حشود ضخمة ضاقت بها مدرجات استاد “مدني” في مساء بهيج، وشكّل تلاميذ وتلميذات مدارسها لوحات فنية رائعة استحقت إشادة وتصفيق الجميع ليلة افتتاح مهرجان السياحة والتسوق، وخرج الناس في “ديم المشايخة” و”المناقل” و”الطليحات” و”24 القرشي” و”أم مرحي” و”الشريف يعقوب” و”الكريمت”، كما لم يخرجوا من قبل.
{ لا أدري كيف أصف لكم ما رأيته بعينيّ في منطقة “ديم المشايخة” بجنوب الجزيرة، فالمشهد لا تعبر عنه كلمات ولا صور محدودة، فقد كان تلاحم المواطنين وحماسهم شيئاً يفوق براعة كل وصّاف أديب!!
{ انفعل أهل المنطقة مع ضيفهم الكبير، فتدفقوا كالسيل يحاصرون موكب “البشير” من كل جانب وهو على ظهر عربة مكشوفة، وفاضت بهم ساحة الاحتفال الراقي المنظم، المختلف عن كل تجمعات وحشود الولاية باستثناء ليلة افتتاح المهرجان باستاد ود مدني.
{ كان التحاماً فريداً ونادراً قل ما رأيته خلال سنوات (الإنقاذ)، ليس بحجم الحشد فالمنطقة صغيرة، وخبراء الحشود يقيسون عدد المحتشدين إلى عدد سكان المدينة أو القرية موقع الحدث، ولكن حرارة وحماس وعاطفة أهل “المشايخة” لا تتكرر كثيراً، كل ذلك لأن حكومة الولاية شيدت طريقاً أسفلتياً يربط منطقتهم بما حولها، بعد سنوات طوال من الانتظار، وعندما شكرهم الرئيس على حماسهم وتقديرهم الكبير له قائلاً: (جزاكم الله خيراً على هذا الاستقبال والحماس)، جاء ردهم السريع بصوت واحد: (حقك.. حقك)!!
{ الحقيقة أن والي الولاية “محمد طاهر أيلا” أصرّ على دخول هذا الامتحان الصعب في وقت حرج وهو يعيش حالة خلاف حاد مع أكثر من نصف مجلسه التشريعي، لكنه للأمانة نجح بامتياز في الامتحان!!
{ غير أن هذا لا يبدل رأيي السابق بأن أزمة الولاية كان يمكن معالجتها بأقل الأضرار دون حاجة لتدخل المركز.
نواصل غداً إن شاء الله

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية