أخبار

السعودية الجديدة

التعديلات الوزارية المحدودة التي أعلنها العاهل السعودي “سلمان بن عبد العزيز” يوم (السبت)، بداية هذا الأسبوع استهدفت التغيير وسط القوى العسكرية ووحدات الجيش الوطني بدءاً من وزير الحرس الوطني وإعفاء قائد القوات البحرية وعلى الصعيد الاقتصادي  تم إعفاء وزير التخطيط والاقتصاد، وقضت القرارات الملكية بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد “محمد بن سلمان” لحصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام.. ومنحت اللجنة صلاحيات واسعة لممارسة مهامها وأداء واجبها.. وجاءت القرارات التي أعلنتها الحكومة السعودية بعد سلسلة من القرارات المصيرية ذات الأبعاد الفكرية والثقافية والاجتماعية، مثل قرار السماح للنساء في المملكة العربية السعودية أكثر الدول الإسلامية محافظة بقيادة السيارات بعد أن كانت المرأة السعودية محرومة من ذلك بإدعاء من التيارات السلفية التي يربطها بالنظام الحاكم في المملكة تحالف تاريخي بين آل “عبد العزيز” والسلفيين.. وبمقتضى ذلك التحالف ينشط السلفيون في الأوساط الاجتماعية، دعوة وإرشاداً وأمرٌاً بالمعروف ونهياً عن المنكر، مقابل ذلك يصدون وجوههم عن بيت السلطة والحكم.
في الأسبوعين الماضيين اتخذت السلطات في المملكة خطوة أكثر ليبرالية بالسماح للمشجعات الرياضيات دخول دور كرة القدم، وحدَّدت كمرحلة أولى بعض الملاعب في الرياض وجدة والدمام .. وذلك بعد النهضة التي تعيشها المملكة العربية السعودية بصعود (الأخضر) إلى نهائيات كأس العالم في روسيا المقرِّر إقامتها في الصيف القادم.. واحتفت وسائل التواصل الاجتماعي بنبأ السماح للسعوديات بارتياد ملاعب كرة القدم.
وحكومة المملكة العربية السعودية اليوم تعيش نشوة التقدُّم في الحرب باليمن.. وعودة الرياض لموقعها الطليعي في قيادة الدول العربية بعد انتقالات من القاهرة إلى الدوحة وأخيراً الرياض التي تجيد قراءة الواقع الإقليمي والتغيُّرات التي تشهدها المنطقة وتبعات ما عرف بثورات الربيع العربي التي قادتها النخب من الشباب الإسلامي الذي تعرَّض للقمع ومصادرة حقه في التعبير والتغيير.. والمملكة العربية السعودية بعد أن أصبح “محمد بن سلمان” ممسكاً بمفاصل الحكم ساعداً أيمن لوالده الملك سلمان”، أخذ الشاب الواعي بواقع المنطقة على عاتقه قيادة المملكة نحو أفق جديد، وذلك بالاستجابة لمطلوبات العصر والاندماج في عالم أكثر ليبرالية وحريات شخصية للشباب لدرء مخاطر تنامي ظواهر التطرُّف من داعش إلى الحركة الطالبانية.. لم تتجه المملكة والنخب التي تقودها إلى معادلة التنازل عن الحقوق السياسية مقابل الحصول على الحريات الشخصية، كما يقول بعض الغربيين في تحليلهم لمسارات التغيير في المنطقة، لكنها أخذت بسياسة إشباع رغبات الشعب في التملك والتمتع بكل منتوج العصر المعنوي والمادي من أجل جيل سعودي حديث وسطي في إسلامه مقبلاً على العصر الحديث وهو متسلِّح بالعلم والمعرفة.
المملكة العربية السعودية التي أصبحت في موضع القيادة حتى ولو لم تجد اعترافاً من بعض الدول العربية لأسباب تاريخية، فإنها بقدر اهتمامها بالحرب على الشيعة في اليمن.
اتجهت لدفع استحقاقات الداخل السعودي بالتوجهات الليبرالية من جهة وإعادة تشكيل السلطة من الشباب دون الخمسين عاماً، والتدرُّج في الاستغناء عن العمالة الأجنبية في الوظائف غير التي تتطلب الخبرة، ولكن السعودية لم تخسر ملايين المهاجرين لأرضها بعسف وغلظة الاستغناء.. حافظت على صورتها في مخيلة المغادرين لأرضها.. وفي ذات الوقت اتخذت سياسات تقشفية في الصرف والخطوة الأخيرة بمحاربة الفساد تمثل مطلوباً وطنياً مهماً من أجل نهضة دولة كبيرة لها إمكانيات وقدرات لأن تصبح واحدة من الدول التي تعد على أصابع اليد الواحدة، ولكن يتحقق ذلك إلا بالتحوُّلات التي يقودها “محمد بن سلمان” في الوقت الراهن.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية