(تعليم بلا حدود).. (6) أعوام من النجاح والتحديات
أضاءوا شمعة بدلاً عن لعن الظلام
الخرطوم – مروة التجاني
تتشابه مشكلات التعليم في مختلف ولايات السودان، لكن يمكن القول إن المشكلة الأساسية تكمن في البنى الأولية.. يجتمع كل أربعة طلاب في كتاب واحد، ويتسرب البعض من الدراسة وآخرون لا يجدون كرسياً يجلسون عليه.. كلها مشاهد مألوفة تناولتها مبادرة تعليم بلا حدود لتساهم في رفع مستوى التعليم في السودان.. ستة أعوام هي عمر المبادرة، (المجهر) تناولت تجربة هؤلاء الشباب بالدراسة والتحليل وخرجنا بالتقرير التالي..
{ بنى الثقافة والوعي
“محمد عبد الغني” (كاتب أدبيات تعليم بلا حدود) يقول معرفاً عن المجموعة: (هناك عدد كبير من المجموعات الشبابية العاملة في مجال التعليم، لكن كان لنا الفضل في السباق.. هي تجربة اختطت درباً وعراً في معالجة أهم القضايا وهي قضية التعليم، إذا أردنا الحديث عن البنى الأساسية في السودان لابد من معالجة بنى الثقافة والتعليم ونحن نعالج البنى الأولية التي تتشكل منها عقليات الأطفال وتوجيهها نحو مستقبل أفضل). وأشار: (ثمة أسئلة تبادرت في الأذهان خاصة في العام 2011م الذي شهد تحولات خطيرة في المنطقة قادها الشباب، لكن لم تكن هناك سردية كبرى في الطرح، ومن خلال جلسات المؤانسة والشاي والقهوة أثمرت القضايا الشبابية وخرجت “تعليم بلا حدود” للنور، وتوجهت إلى معالجة قضايا التعليم، وكان هذا جزءاً من رغبة الشباب في التغيير الذي صاحب هذا العام الخطير.. كانت النقاشات حول قضية التعليم طويلة ومتفرعة ولن ينتهي الحديث فيها، لذا توجهنا إلى العمل الفوري ولم تنشأ المبادرة من فلسفة أو نسق ثابت، بل هي تجربة متخلقة وفي صيرورة دائمة حتى اليوم. لكن يبقى السؤال الأكبر من أي مدخل سنعالج قضايا التعليم؟).
{ مسافات العمل
توجهنا بالسؤال الذي تم طرحه في خاتمة الإفادة إلى عضو المبادرة “محمد النوراني” الذي أجاب قائلاً: (المدخل هو تحفيز الأسر للاهتمام بالقضية، وهي كخدمة أساسية يجب أن تجد مزيداً من رعاية الدولة.. عند مناقشة قضايا محورية مثل التعليم يجب أن نسعى لتجذيرها في المجتمع وأن يقتنع بها الجميع، لذا يجوز لنا القول إن التعليم الحقيقي يتم عبر المجتمعات). وأضاف: (هنا أيضاً نواجه بسؤال مركزي وهو كيفية تحفيز المجتمعات الريفية والمدنية؟ وعند الإجابة عنه سنتمكن من التعاطي مع قضية التعليم بشكل إيجابي). وزاد: (المسافة بين المجال الرسمي والأهلي هي التي تتحرك فيها المبادرة ونطاق العمل يتم وفق النقطة الأساسية “اهتمام المجتمع بالمجتمع”، ونعني بالكلمة هنا كل الشرائح المختلفة والمتباينة مثل الشركات ووسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية والخاصة. فيما يتعلق بـ”تعليم بلا حدود” فليس لدينا مقر رسمي، ويجوز لنا القول إن وسائل التواصل الاجتماعي كان لها النصيب الأكبر في استمرار ونشأة المبادرة ففي قروب الفيس الرسمي هناك ما يقارب الـ34 ألف مشترك إضافة إلى القروبات الصديقة وقروبات الداعمين، وفيها تدور النقاشات بين الأعضاء عندما يتم طرح مشروع يستغرق النقاش فيه أحياناً شهوراً ومن ثم تنبثق لجنة تضعه في تصور واضح ثم نبحث بعد ذلك حول آليه تنفيذه).. لكن تساءلت الـ(مجهر): لماذا تتم أغلب الأعمال على (فيسبوك)؟؟
{ أعمال ناجحة
لم يبق السؤال الأخير بدون إجابة، حيث قال “أبو بكر إسماعيل عبد الله” المنسق العام للمبادرة: (تعليم بلا حدود ذات طابع فيدرالي وهي موجودة في كل أنحاء السودان والرابط بيننا هو وسائل التواصل الاجتماعي، فلا وجود لمديرين أو رؤساء بل هي شراكة بين الأعضاء. أهم شيء في فلسفة المبادرة أن القاعدة المجتمعية الأساسية في تشكيل وإدارة أي مشروع يجب أن يكونوا هم أصحاب الفائدة من الفئات السكانية المستهدفة ليتحولوا بعد ذلك لإدارة المشروع، حيث تكون مهمتنا هي تعليمهم كيفية قيادة مشروعهم في المستقبل). وأضاف: (من أمثلة المشاريع التي ساهمت فيها المبادرة، دعم إصلاحية الجريف التي تحوي الأطفال ممن تورطوا في جرائم وساهمنا في دعم البنى التحتية الخاصة بها، إضافة إلى تعليم وتدريس هؤلاء الأطفال “الأحداث” وتهيئتهم للجلوس للامتحانات، بجانب تقديم العون النفسي وتعليم الطفل ماهية العطاء والأخذ). وأشار: (في الآونة الأخيرة تدور مقولة بين الشباب مفادها “البلد دي ما عندي ليها حاجة”، ونحاول في المبادرة احتواء الإحباط العام المنتشر بين الشباب عبر القيام بخدمات مجتمعية وملء وقت الفراغ فكان مشروعنا الكبير “أضرب وأهرب” الذي يعالج واقع المدارس السودانية، حيث تفتقر إلى المواد الأساسية ولا تساعد الطفل في اكتشاف ذاته، نحن نقوم على صيانتها وهكذا نساعد الأطفال على النجاح والإبداع، وكان المشروع شراكة مع إحدى الشركات الكبرى تم عبر إقامة نفير في الأحياء وهكذا التحمت الفكرة بالناس). وقال: (امتد أثر هذه المشروعات إلى عقليات الناس في الأحياء الذين بدأوا بعد ذلك في الفعل المستقل، وكان هدف المشاريع قائماً على تحويل المجتمع إلى فاعل. وفي المدارس نهتم بمعالجة المسائل الإبداعية مثل الرسم وكتابة الشعر التي تحفز خيال ومقدرات الطفل).
{ واقع المبادرة
“محمد السموأل” عضو مبادرة (تعليم بلا حدود) يستكمل مع (المجهر) تحليل واقع المبادرة قائلاً: (رغم مرور ست سنوات إلا أننا ما زلنا نعدّ المبادرة فتية ولا تزال تحتاج إلى التقويم والنقد المستمر، ورغم عدم وجود نماذج مكتبية إلا أننا نهتم بالجزئيات المتعلقة بالمشاريع. نحن في “تعليم بلا حدود” غالباً لا نقبل المبالغ الكبيرة المتبرع بها لأن هناك مشاريع تموت بموت أو غياب الداعم لذلك نتجه إلى إقامة مشاريع مستدامة تجدد مصادر دخلها وحدها دون الخضوع لأمزجة الداعمين). وأوضح: (تواجهنا عدة صعوبات وعقبات نحاول التغلب عليها في مسيرتنا خاصة في ثقافة العمل نفسها في السودان القائمة على “أخوي وأخوك”، لكنها مشاكل سيتكفل الزمن بحلها.. حالياً نستهدف جمع “10” آلاف كتاب لتوزع في مناطق الحروب والنزاعات. وندعو من خلال المبادرة أن يساهم فيها المجتمع وننظر إلى أهمية السياسات الحكومية وضرورة تعاملها بجدية مع قضية التعليم).
ووصف “بدر” الراحل بأنه أحد الرموز الوطنية التي ساهمت في مجال الأدب السوداني، وله الفضل في تأسيس مصلحة الثقافة، كما أنه أحد الذين أرسوا دعائم الثقافة في السودان،