الإدعاء الكاذب
لو قال مؤتمر البجا، إن نصيبه في السلطة أقل من طموحه لصدقه الناس.. ولو اعترف مؤتمر البجا لأغراض التعبئة والكسب ومخاطبة عواطف قواعده بأن الاتفاقية التي وقعها مع المؤتمر الوطني لم تحقق له كحزب ما كان يرجوه.. لما كذبه أحد من المراقبين، ولكن أن يدَّعي مؤتمر البجا بأن نصيب شرق السودان من الحكم أقل من حقوقه طبقاً لمعيار السكان، فإن حزب مؤتمر البجا ينكر حقائق الواقع.. ويحاول رئيسه “موسى محمد أحمد” تغطية أشعة الشمس بكفيه.. ولو كان مؤتمر البجا ذكياً في أطروحاته.. وواقعياً في نظرته لنفسه لقال إدعاءً بأن ما تحقق للشرق من نصيب في قسمة السلطة.. كان بفضله هو وليس بفضل المؤتمر الوطني.. ولكن مؤتمر البجا الذي يعقد هذه الأيام مؤتمراته بولايات الشرق، حيث نفوذه الذي لا يتعدى ولايتَيْ كسلا والبحر الأحمر ولا يملك في بقية ولايات السودان عضوية تؤهله لإكمال مكاتبه الولائية وهو بطبيعة الحال حزب جهوي (احتجاجي) نشأ في ظروف سياسية وعهود غابرة.. وحافظ على وجوده في الولايتين بإثارة النعرات القبلية والعنصرية.. وهو يمثِّل شرق السودان في السلطة اليوم.. بل في القصر هناك مساعد آخر لرئيس الجمهورية المهندس “إبراهيم محمود حامد” الذي يقرِّر مع الرئيس “البشير” في كل شيء، لا يُعيَّن وزيراً في السودان إلا بموافقة أو علم أو ترشيح “إبراهيم محمود حامد”.. ومنذ متى كان شرق السودان شريكاً حقيقياً في صناعة القرار السياسي والتنفيذي، كما هو الحال اليوم؟.. ونصيب الشرق في الحكومة الاتحادية ثلاثة وزراء دولة آخرين ووزير في وزارة سيادية كبيرة هي وزارة العدل التي جاء إليها الدكتور “جميل” من مقاعد المستقلين ليذهب هذا المقعد لشرق السودان، إضافة لثلاثة ولاة هم: “محمد طاهر أيلا” في الجزيرة والمهندس “علي العوض” في الشمالية والأستاذ “الشيخ الضو الماحي” في سنار، ومن حُسن حظوظ الولاية القادمين من شرق السودان أنهم يحكمون ولايات الحضارات القديمة من مملكة سنار التي يرث حكمها اليوم “الضو الماحي” ليجلس على (ككر) عجيب المانجلك.. بينما “أيلا” يقود الجزيرة قلب السودان الثقافي والحضاري والاقتصادي، أما “علي العوض” في الشمالية فهي اليوم وريث لسلطة “بعانخي” و”محمد أحمد المهدي” في لبب و”جعفر نميري” وهو من يدير (حواكير) “بكري حسن صالح” ومزارع “عوض الجاز” في مروي.. فكيف يدعي “موسى محمد أحمد” دون حياء أن الشرق مظلوماً.. لو قال، إن مشروعات التنمية دون الطموح وإن الشرق لا يزال يرزح تحت وطأة الفقر والتخلف فإن مثل هذا القول مقبول.. ويتفق معه أناس ويختلف آخرون، ولكن أيضاً مثل هذا القول مردود عليه، لأن “موسى محمد أحمد” بيده القلم والقرار وهو الأقرب لرئيس الجمهورية من سائر الناس، فلمن يشكو السيد “موسى محمد أحمد”؟.
ولايات كبيرة تفوق الشرق من حيث التعداد السكاني لا نصيب لها في رئاسة الجمهورية ولم يتحدَّث قادتها بنبرات السخط وإنكار الواقع مثلما يتحدَّث “موسى محمد أحمد” ربما شعر بأن رياح الانتخابات تقترب وإعلان المؤتمر الوطني عن ضيقه وتبرُّمه من الأحزاب التي أثقلت كتفيه قد يضعه خارج دائرة الضوء والفعل، لذلك لجأ لخطاب قديم لا مستقبل له في قادم المواعيد.