الضغوط النفسية في مكان العمل خطر يهدد الموظف
على ذمة اختصاصية نفسية: الموسيقى في مكان العمل تنشر السعادة وتقلل الإجهاد
الخرطوم – مروة التجاني
يحتفل العالم في شهر أكتوبر الحالي باليوم العالمي للصحة النفسية تحت شعار (التخلص من ضغوط العمل).. الـ(المجهر) شاركت في الاحتفال، وكان لنا لقاء مع أهل الاختصاص الذين طالبوا بتهيئة جو مناسب لكل موظف وعامل، وشرحوا عبر الإفادات إمكانية ذلك.. التقرير التالي يرصد أوضاع الموظفين والعمال في السودان وأهم المشاكل التي تعترضهم.. فإلى التفاصيل..
{ موظف القرن الواحد والعشرين
اشتكى عدد من الموظفين لـ(المجهر) من غياب وإهمال بنى البيئة الرئيسة للعمل، وقالوا إن قلة الأجور وعدم تناسبها مع متطلبات الوضع الراهن تشكل أكبر التحديات أمام الموظف العادي الذي يضطر بناءً على ما تقدم ذكره إلى اللجوء إلى العمل في وظيفتين، الشيء الذي من شأنه التسبب في الإرهاق النفسي والبدني خاصة مع عدم توفر تراحيل في المؤسسات الخاصة. وقال عدد من الموظفين إن المرأة تعاني بشكل أكبر من الرجل خاصة حين نفتح ملفات التحرش اللفظي كما أنها مطالبة بمسؤوليات أكبر في المنزل، وطالبوا أن يقوم الجميع بتصفية النية وتجنب المشاجرات الصغيرة التي تقود في حال تراكمها إلى ضغوط كبيرة بين أفراد الفريق العامل.
“أموك ألبينو” الأستاذة المساعدة في مدرسة علم النفس بجامعة الأحفاد تقول في إفادتها لـ(المجهر): (يوم الصحة النفسية هو يوم عالمي تشارك فيه كل الدول عبر المؤسسات المعنية بالقضية، ونحن في جامعة الأحفاد نشارك العالم هذه المناسبة. هناك مشاكل كثيرة تواجه الموظفين في بيئة العمل تتسبب لهم في ضغوط هائلة والبعض من العمال لا يجدون حتى البنية الأساسية للعمل ولا تتوفر لهم الاحتياجات الأولية، وهي قضية تمس جميع مؤسسات الدولة ويجب عليهم الاهتمام بها وبشكل خاص وزارات الصحة والعمل والإصلاح الإداري، حين تتوفر بيئة عمل مناسبة يمكن للفرد أن يبدع فيها ويخرج أفضل ما لديه ونحن نقصد ببيئة العمل هنا الموظفين في الشركات الكبرى والطلاب وكل من يخرج من منزله بقصد أداء وظيفة يكون العائد منها مادياً أو رمزياً، واستهداف هذه المناطق يقلل من خطر الضغوط ويقي العامل كثير من الأمراض). وفيما يتعلق بأصحاب المهن الهامشية قالت: (هؤلاء يعانون ضغوطاً أكبر من غيرهم لعدم توفر المقومات الأساسية للعمل كما يتعرضون لمضايقات وضغوط تأتي من وجودهم في الشارع العام خاصة فئة بائعات الشاي وغيرهن من النسوة فهن يتعرضن للتحرش والتنمر، ندعو أفراد المجتمع إلى التكاتف والتعامل بلطف خاصة مع أصحاب المهن اليدوية، ورغم أن الموظفين في المكاتب وضعهم أفضل حالاً إلا أنهم ما زالوا يعانون من قوانين العمل التي نتمنى إصلاحها ومراجعتها بشكل دوري لتتناسب مع موظف القرن الواحد والعشرين).
{ الموسيقى كخلفية في مكان العمل
قالت اختصاصية العلاج بالموسيقى الدكتورة “نهى الصادق أحمد”: (استخدمت الموسيقى كخلفية في مكان العمل منذ قرون. ففي العصر الصناعي كانت تستأجر النساء والأوركسترا الأكثر هدوءاً أحياناً في المصانع للغناء بين العمال، كان الراديو يستخدم في المقام الأول لبث الأخبار، وفي عام 1940م أطلقت هيئة الإذاعة البريطانية برنامجاً إذاعياً يسمى (الموسيقى أثناء العمل) على فترتين خلال اليوم، وقدم خصيصاً لعمال المصانع. كانت الفرق الموسيقية تقوم بعرض مقطوعات موسيقية كمداخلات لمساعدة العمال لمداومة العمل باهتمام، بالإضافة إلى بعض المقاطع المتفائلة التي تعزز النشاط وبالتالي الإنتاج). وأضافت إن من فوائد الموسيقى في مكان العمل أنها صحية، تنشر السعادة والهدوء وإحساس الفرح، تقلل من القلق والإجهاد، الشعور بالانتماء والإنجاز، تجويد العمل بكفاءة أعلى، وهي عامل مهم في تقصير الزمن وتعزز المزاج الإيجابي، الموسيقى تبني روح الفريق وتزيد التواصل الاجتماعي وتقلل من الشكوى والإحساس بالمرض. وأوضحت أن هناك نوعاً خاصاً من الموسيقى موجه للعواطف الإيجابية ويتميز بإحساس الحب وتحويل مسار الغضب والخوف إلى تفكير وطاقة ايجابية، كما تقود إلى أعلى مستويات في التفكير المنظم للعواطف السلبية وتساعد في إنتاج مادة السيروتونين التي يمكن أن تجعل الموظف سعيداً وتزيد الفكاهة والنكتة بين العاملين. أما الموسيقى الكلاسيكية فلها خصائص مختلفة منها أنها تعزز الذكاء المكاني عن طريق زيادة الذاكرة على المدى القصير والطويل، تؤثر على معدل التنفس والمقاومة الكهربائية للجلد، تقلل من ضغط الدم وزيادة معدل ضربات القلب، تسمح للدماغ بالتركيز أكثر لاستيعاب المزيد من المعلومات في وقت قصير، تحفز نصفي الدماغ الأيمن والأيسر في وقت واحد، تعزز عمليات التعلم والمعلومات الداخلة. فاللحن يعدّ هو جوهر الموسيقى ويعزز المقدرة الإبداعية، والإيقاع هو مزامنة هذه المشاعر مع أنماط حيوية، ولدينا جميعاً إيقاع مثل التعرض للإيقاع داخل الرحم وضربات القلب والتنفس.. الخ، واللحن مع الإيقاع يساعدان في تنظيم قدرات الدماغ. وللإجابة عن سؤال كيف تؤثر الموسيقى في مكان العمل؟ يمكن أن نضيف إنها تحفز نمو الدماغ وعمليات التفكير، تساعد على ضبط النفس، تعديل المزاج المتقلب، تحد من اضطراب الأفكار، تزيد من التمتع بدوام العمل وتخفيف ضغوطه، والاستماع إلى موسيقى معينة يعطي قاعدة مختلفة لأفكارك وكلماتك وبالتالي تغير في الأداء والسلوك.
{ الصحة في مكان العمل
ممثل وزارة العمل والإصلاح الإداري “عبد الوهاب عبد الله” يشرح مفهوم الصحة المهنية قائلاً: (على مر العصور والأجيال كان الاهتمام بالصحة المهنية والبيئة التي تؤثر عليها متواصلاً، ففي العصر الفرعوني كان الاهتمام بالجسم ورشاقته وجماله وتكوينه، وفي العصر الإغريقي كان الاهتمام بالصحة البدنية فكانت الألعاب الرياضية الأولمبياد، وكان التركيز على الغذاء الجيد والنظافة والنظام في النوم والعمل.. في الإسلام كان مفهوم الصحة أشمل حيث ربطها بالإيمان مثل الطهارة والحركة البدنية عند الصلاة وفرائض الحج.. في العصر الحديث ومع التطور المستمر لوسائل الإنتاج ظهرت العديد من الفروع الطبية الصحية مثل صحة المجتمع والطب الوقائي والطب المهني، وأصبح من الضروري علاج كل الأمراض المهنية التي تكتسب أثناء أداء المهنة). وأضاف إن الصحة المهنية تعرّف بأنها دراسة الظروف والمشاكل الصحية والمهنية والبيئية التي تصادف العاملين في شتى أنواع العمل ومعالجتها والتقليل من مضاعفاتها من خلال التأكد من ملاءمة العمل لصحة العامل بإتباع مبدأ العمل المناسب وفي المكان المناسب، الحماية والحفاظ المستمر والمنظم على صحة العامل من جميع المخاطر، الاكتشاف المبكر للمرض والعلاج الفوري للمصاب والكشف الدوري على الموظفين، دراسة كل الأزمات والكوارث بمحيط العمل التي حدثت للاستفادة منها مستقبلاً. وأوضح أن هناك مشاكل تصادف الموظفين في محيط العمل منها المخاطر الميكانيكية، والإصابة فيها تكتسب من جراء التعامل مع الآليات بمحيط العمل نسبة للأخطاء الهندسية التي تقع من تعامل العامل مع الآلة، عند وقوع عطل هندسي يقوم العامل بإزالة الغطاء لعمل الصيانة وإصلاح العطل وعند الانتهاء من عمل الصيانة لا يقوم بإرجاع الغطاء إلى مكانه، ومن هنا تحدث الإصابة نتيجة الإهمال وتكون عادة عبارة عن جروح أو كسور أو بتر. أما المخاطر الفيزيائية فتتمثل بشكل رئيس في الضوضاء وهو الصوت الذي لديه القدرة على إحداث خلل في الجهاز السمعي لدى الشخص المتعرض له، أو هو الصوت غير المرغوب فيه الصادر من المعدات والآلات المستخدمة في الصناعة، الذي يفوق الحد المسموح به، وينتج عن هذا الإزعاج فقدان السمع المؤقت الذي يبقى لدقائق أو ساعات ثم يعود لحالته الطبيعية، أو فقدان السمع الدائم وينتج عن التعرض لمستويات عالية من الضجيج خلال فترات زمنية طويلة وغالباً ما يصاب به العامل بالتدريج.