سلِّم سلاحك.. تحمي أهلك في دارفور
حملة جمع السلاح في ولايات دارفور، التي أطلقها السيد رئيس الجمهورية، ويسعى في تنفيذها هذه الأيام نائب الرئيس “حسبو محمد عبد الرحمن” من خلال جولة في الإقليم، هو أهم مشروع يمكن أن تقوم به الدولة لتحقيق السلام وتعزيز الأمن الاجتماعي في منطقة انتشر فيها السلاح، فصار بعضاً من أثاث البيوت، ومؤونة الأسرة وقوة القبيلة !!
لم تسلم قبيلة في دارفور، مهما قويت شوكتها، وكثر عددها، وتمتع فرسانها بالشكيمة وأجادوا فنون (الدواس)، لم ولن تسلم من سقوط قتلى وجرحى بالعشرات .. والمئات باختلاف الموقع والمعركة وسبب النزاع، ولذا ينبغي أن يعي جميع زعماء القبائل من (نظار) و(شراتي) و(عُمد) أن وجود السلاح بأيدي الأفراد والمجموعات، كما هو الحال الآن في دارفور، إنما هو محرقة مستمرة لأبناء جميع القبائل بلا استثناء، وتعويق لمشروعات التنمية والخدمات، وتعطيل للتطور الطبيعي لإنسان دارفور الذي خسر كثيراً من هذه الحرب المندلعة منذ العام 2003 م، فضلا عن الصراعات القبلية المسلحة التي فتكت بالأبرياء، وأحرقت الزرع والضرع، وأوغلت صدور أبناء الإقليم، ومزقت النسيج الاجتماعي، فكان ذلك الواقع الدموي البئيس .
في كل دول العالم المتحضر، لا يسمح بحيازة السلاح في المجتمعات المدنية والريفية .. إلا في نطاق محدود جدا، وبأنواع معروفة من سلاح الحماية الشخصية لمن يعيش في الأطراف والمزارع والبوادي، ولكن ما يحدث في دارفور حاليا مختلف جدا، حيث تمتلك القبائل سلاحاً آلياً حديثاً.. ومدافع.. وذخيرة.. وسيارات دفع رباعي، بمثل ما هو متاح في القوات النظامية للدولة، ما يجعل الضحايا بالمئات وفي وقت وجيز، وذلك لاستخدام الأطراف لسلاح فتاك، ما كان ينبغي أن يتوفر لدى مجموعات قبلية متفلتة، لا يضبطها نظام، ولا تعترف بقانون، ولا تسمع لقيادة !!
لقد تأخرت هذه الخطوة سنوات، فانفرط عقد الأمن واختلط الحابل بالنابل، وتعقدت المشكلة، ورغم ذلك.. لا مناص من أن نردد: (أن تأتي متأخراً خيرا من ألا تأتي..). كما لابد من اتفاق جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في السودان، على أنه لا حل لأزمة دارفور، ما لم تسلم القبائل والمجموعات سلاحها.. فليكن شعار الدولة: (سلِّم سلاحك.. تسلم.. سلم سلاحك تحمي أهلك).