أي حسم "يا طيب"؟
دعا “الطيب مصطفى” في زاويته المقروءة بأخيرة (الصيحة) “زفرات حرى” الحكومة لحسم ما سماه بتمرد طلبة دارفور، وأكرم “الطيب” على الجبهة الثورية بعدد ألف ومائتي طالب اعتبرهم رئيس لجنة الإعلام في البرلمان هم رصيد الجبهة الثورية في جامعة بخت الرضا.. وقبل الرد على دعوة “الطيب مصطفى” التي تشجع على عنف الدولة في مواجهة طلاب جامعيين.. نسأل السيد رئيس لجنة الإعلام في البرلمان سؤالاً مفتاحياً أين هي الجبهة الثورية؟ من يقود الجبهة الثورية اليوم؟ وما هي مكوناتها؟ إن كان “الطيب مصطفى” يتحدث عن التاريخ القديم فإن الجبهة الثورية كان لها وجود على الأرض وفي المنابر، ولكنها اندثرت وتصدعت وعادت مكوناتها إلى ما قبل تشكيل الجبهة الثورية، ولكن لا يزال “الطيب مصطفى” يعتقد بأن هناك جبهة ثورية ينتمي إليها هؤلاء الطلاب، أما إن كانت الجبهة الثورية فزاعة في مخيلة البعض (جوكم جوكم) فتلك قصة أخرى.
أما إن هؤلاء الطلبة متمردون واجب الحكومة حسمهم ووضع حد نهائي لتمرد هذه الفئة المارقة حتى تستقر الجامعات وتنتهي إلى الأبد حالة الفوضى والاضطراب التي سادت مؤسسات التعليم العالي!! نسأل المهندس “الطيب مصطفى” منذ متى كانت مؤسسات التعليم العالي مستقرة في تاريخ بلادنا منذ الاستقلال والجامعات متمردة على الواقع بسبب ثورية الطلاب وعنفوانهم وأحلامهم وكابدت الجامعات الاضطرابات والصراعات والموت.. والجراح، ولسنا في حاجة لتذكير “الطيب مصطفى” بأحداث أكتوبر ولا أحداث انتفاضة 1973م، ولا ثورة رجب/ أبريل، وتوالى تقديم الحركة الطلابية للشهداء والجرحى في مختلف الحقب الوطنية.. وكانت الحكمة والموعظة الحسنة والخطاب الإعلامي الذي لا يحرض على العنف.. حاضراً وله إسهام في كبح جنوح الطلاب.. وظل سلوك مديري الجامعات يتسم بالحكمة وعمق النظر.. حتى سنوات قريبة ليصعد اليوم إلى قيادة الجامعات جيل من الأساتذة يفتقر إلى الحنكة لتتصاعد المواجهة مع الطلاب.
إذا كان “الطيب مصطفى” يعتقد أن الجبهة الثورية المدعاة أو حركات دارفور يبلغ رصيدها في بنك الطلبة بجامعة بخت الرضا وحدها ألف ومائتي طالب وطالبة، وهي من الجامعات خفيفة الوزن أي الصغيرة، ليست كالنيلين ولا الإسلامية، فكم يبلغ رصيد هذه الحركات في الجامعات الكبيرة؟ وأكبر خدمة مجانية تقدمها الحكومة التي يمثلها المهندس “الطيب مصطفى” للحركات المسلحة حينما تمنح الحركات المسلحة شرفاً لا تستحقه وتقدم لها أبناء دارفور هدية مجانية بسوء خطابها وبؤس تقديمها؟ والحركات المسلحة تستغل روابط دارفور الطلابية وتحشد خطابها بمفردات عاطفية وتدغدغ مشاعر الطلاب وتعبئة جوانحهم بخطاب كراهية مرفوض ومبغوض، ولكن حينما تصدر ردة فعل على طريقة المهندس “الطيب” في توصيف المشكل فإن ذلك يفتح باب الجحيم لوطن لم يكتب له التعافي من مأساة الجنوب إذا بمأساة أخرى، تظلل سماءه ألا وهي قضية دارفور التي لو كانت قضية قسمة سلطة وكراسي حكم ،لصمت صوت الرصاص وعادت الطمأنينة لربوع الإقليم ،بعد أن شبعت دارفور في السلطة ونالت من مقاعد الوزارات ما لم تنله كردفان والجزيرة وولاية الخرطوم مجتمعة.
سوء الخطاب وتحريض الدولة على الطلاب لحسم يعتبر خطاب كراهية مثلما هو خطاب الطلاب عن العنصرية يعتبر هو الآخر خطاب كراهية منهي عنه في القرآن وفي اتفاقيات الأمم المتحدة.. أما المطالبة بإلغاء النصوص الخاصة بالتمييز الإيجابي لطلاب دارفور بسبب الحرب بإعفائهم من الرسوم الجامعية ذلك شأن فيه أخذ ورد، ورأي ورأي آخر.. لكن دعوة المهندس “الطيب مصطفى” للدولة لتشرع أسلحتها في وجه فلذات كبدها من الطلاب لهي دعوة لا تصدر إلا من الذين كانت لهم اليد الطولى في تقسيم السودان القديم.. الذي انتهى بقيام دولتين.. والآن بدأت مرحلة التحريض على إقليم دارفور لفصله على الأقل وجدانياً من الوطن، الذي تتهدده المحن من الداخل قبل الخارج.