ما بعد الواقعة
وقعت الواقعة وتلطخت سمعة السودان في المحافل الدولية بأنها دولة بدائية في تعاملها مع ديمقراطية وأهلية الحركة الرياضية، ودمغت حكومة السودان بانتهاك القانون الدولي الرياضي بمحاولة تعيين جنرالات الجيش في الاتحاد الرياضي رغم أنف القانون.. تلك هي الصورة الزائفة التي رسمت عن بلد لا وجيع لها عند أبنائها يلصقون بها التهم الغليظة ويدسون أنفها في التراب يتهمونها باغتصاب الفتيات في دارفور وتذعن للاتهام صاغرة ذليلة.. يلطخون ثيابها بالقمع والدكتاتورية وترضى بقسمتها من كل العيوب.. وأخيراً يشككون في ذمتها الرياضية.. يكتبون للفيفا بأن السلطة الحاكمة تغتصب أهلية النشاط الرياضي والأجهزة الأمنية تحرم مدرب المنتخب القومي من قيادة لجنة التدريب، ثم تنهال ذات العصبة الفاسدة وتتهم وزارة العدل باغتصاب دار الاتحاد الرياضي وتتحرش عصبة الاتحاد السابق بوزارة العدل ويكتب الاتحاد الدولي خطاباً فجاً سمجاً فيه تعالٍ على العدل ومؤسسات الدولة، ويطالب باعتذار بعد إلغاء قرار عدلي صادر من الوزارة.. تلك هي مظاهر الأزمة التي تخنق البلاد منذ (الخميس) الماضي وقد أطاحت هذه الأزمة ليس بالفرق المنافسة في البطولة الأفريقية المريخ وهلال الأبيض فحسب، بل أطاحت الأزمة بسمعة السودان لأن السلطة الحاكمة إحساسها بقضايا الناس ضعيف جداً.. كل أسباب الأزمة في مجلس وزراء حكومة الوفاق الوطني ! كل الإخفاق هو إخفاق مجلس الوزراء من رئيس الوزراء الفريق “بكري حسن صالح” وحتى وزير الرياضة د.”عبد الكريم موسى” يتحملون المسؤولية قبل فرقاء الصراع الرياضي الذين يتعاركون على جثة الرياضة السودانية منذ شهور عديدة، لأنهم لا يخافون من سلطة تستطيع إيقاف العبث الذي يجري ولا يخشون حاكماً يحرس سمعة البلاد وينافح عنها.. لو كانت الحكومة تشعر بخطورة ما يحدث لما عجزت عن حل النزاع الذي نشب في الاتحاد الرياضي، وقد اعترف الفريق
“بكري حسن صالح” في إفطار اتحاد الصحافيين بأن الطرفين المتنازعين هم أولاد الحكومة، وهي قادرة على التعامل مع الفيفا ولكنه طالب الصحافة بالكف عن المتاجرة بقضية النزاع في الاتحاد الرياضي ؟؟ لو صمتت الصحافة منذ ذلك الوقت وحتى (خميس) الفاجعة والكارثة هل كانت الحكومة قادرة على حل المشكلة؟؟ نعم الحكومة قادرة ولكنها عاجزة على ما يمكن أن تفعله؟؟ هل كانت الحكومة تتوقع أن يتمادى الفيفا في الترقب وانتظار السودان حتى انقضاء المنافسات.. والفيفا قد بلغها رسمياً من منسوبي الحكومة د.”معتصم جعفر” أن الحكومة تنتهك حقوق الرياضيين وتقوم بتعيين جنرالات جيشها في قيادة الاتحادات الرياضية؟؟ هل صدر مجرد تصريح من الناطق الرسمي باسم الحكومة د.”أحمد بلال عثمان” ينافح عن حكومته وينفي تلك التهمة المشينة عنها؟؟ لماذا صمتت الحكومة على التهمة؟؟ ولماذا لم يقاضِ مجلس الوزراء “معتصم جعفر” على تلك المزاعم والتصرفات الخرقاء؟؟ وإذا كانت الحكومة خائفة من د.”معتصم جعفر” الذي فعل ما عجزت عنه الجبهة الثورية وقطاع الشمال وفصائل المعارضة وقد (مرمغ) أنف الحكومة في التراب وكسر هيبتها وأشان سمعتها.. وماذا يفعل الجكومي و”معتصم جعفر” أكثر مما فعلاه بالبلاد وهناك من ينافح عنهما وينصب نفسه محامياً عن الخائنين لوطنهم.. بغض النظر عن مسؤولية الجنرال “سر الختم” فإن الحكومة كانت تستطيع التدخل وترفع عن كاهل البلاد مصائب (التجميد). صحيح وزير الرياضة “عبد الكريم موسى” حديث عهد بالوزارة وحديث عهد بالرياضة.. لأن هذه الوزارة ظلت تسند لغير أهلها.. فهل كانت الأوضاع ستبلغ هذا المنحدر السحيق إذا كان على رأس الوزارة شخصية رياضية مثل “محمد الشيخ مدني” أو “عمر كابو” المحامي أو “عمر البكري أبو حراز”.
لقد وقعت الواقعة بضعف إحساس الحكومة بالمشكلة، وترددها في اتخاذ القرار وعجزها عن ما يمكن القيام به.