شهادتي لله

(4) رمضان .. المفاصلة التي هزت عرش الإسلاميين – (1)

تحل علينا اليوم الذكرى الــ(18) لقرارات (الرابع من رمضان) الشهيرة التي أطاحت بزعيم الحركة الإسلامية الشيخ الراحل ” حسن الترابي ” عن رئاسة البرلمان وأمانة الحزب الحاكم .
يتغير موعد حلول شهر رمضان المعظم كل عام، ولكن يبقى التاريخ الميلادي الموافق هو نفسه (12/12/1999) ، كما يبقى الحدث الذي زلزل كيان الإسلاميين في السودان.. هو ذات الحدث .
ورغم مرور كل هذه السنوات الطوال، ما يزال بعض السياسيين خاصة في صفوف المعارضة يعتقدون أنها ( مسرحية ثانية) تشبه مسرحية ( اذهب إلى القصر رئيسا .. وأنا أذهب إلى السجن حبيسا) التي كشف عنها ” الترابي ” ذات يوم بعد المفاصلة .
غير أنني وقد كنت قريباً من بعض المؤثرين في تلك الفترة، أجزم أنها كانت (مفاصلة) حقيقية وعنيفة، ومهما أوتي قادة الجناحين ( القصر والمنشية) من قدرات تمثيلية عالية، فإنهم ما كان بإمكانهم إجادة أدوارهم بتلك البراعة، وإلا لكان مكانهم الطبيعي إستديوهات ” هوليوود ” الأمريكية أو إستديوهات مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر !!
يوم الخامس من رمضان عقد الشيخ ” الترابي ” مؤتمراً صحفياً مضطربا وغير منظم، بُعيد عودته مباشرة من بوابة البرلمان التي قامت لحراستها في تلك الأثناء (دبابة) وجنود، ووقف عليها ضابط اعتذر لرئيس البرلمان بأدب: أن (ممنوع الدخول) !!
عاد الشيخ مثل الأسد الجريح.. غاضبا ومذهولا، إذ لم يكن يتوقع مطلقا ما حدث .. فالمعلومات التي وصلته عبر مساعديه ومكاتب معلوماته كانت تؤكد أن كل الأمور (تحت السيطرة) ، بما في ذلك ( الجيش) !!
قبيل صدور قرارات (الرابع من رمضان) بأيام قلائل وقد بلغت الأزمة بين الرئاسة والبرلمان أشدها على خلفية التعديلات الدستورية المقدمة على منضدة المجلس الوطني، كنت والأستاذان الصديقان ” النور أحمد النور ” و” محمد الفاتح أحمد” مع مجموعة من الزملاء نعزي الأخ الأستاذ ” إسماعيل آدم” في وفاة والدته بغرب أم درمان، دار نقاش ساخن بيننا، وكان ” النور” و” الفاتح ” ناشطين تنظيميين وقريبين من مصادر المعلومات في مكاتب الحركة الإسلامية.. قلت لهما: ( الجيش سيسيطر على الحكم بعد أيام .. والرئيس سيحكم مسنودا بنائب الأمين العام للحركة الأستاذ ” علي عثمان ” ) .. رد ” النور ” وأذكِّره دائما بهذه الرواية، قائلاً بثقة العالم ببواطن الأمور: ( ” علي عثمان ” لا يملك أية قوة.. والجيش تحت سيطرة وزير الدولة للدفاع ” عمر عبد المعروف”) !!
ما قاله صديقنا ” النور ” كان يمثل (أساس) المعلومات المغلوطة التي اعتمد عليها الشيخ ” الترابي “، وبنى عليها سيناريو (محاصرة الرئاسة) لإجبارها على تقديم تنازلات في السلطة بموجب مقترح التعديلات الدستورية ومن بينها سحب سلطة تعيين الولاة من الرئيس وإقرار انتخابهم، ومن عجب أن الدولة تجمع الآن على الموافقة على انتخاب الولاة، بل تم انتخابهم بالفعل في انتخابات العام 2010 م !!
كان واضحا لي دون لبس أن الفريق ” بكري حسن صالح ” الذي عُيِّن وزيراً للدفاع مباشرة بعد المفاصلة، كان يحكم قبضته على مفاتيح العمل العسكري بالدولة، فهو أول من استلم القيادة العامة ليلة 30 يونيو 1989م، وهو أول من استلم سلاح المظلات من أسر قادة انقلاب رمضان 1990 الذي نفّذه ضباط (بعثيون) وقوميون عرب، وكان انقلابا ناجحا في العديد من الأسلحة والوحدات، لولا جسارة وجرأة بعض ضباط (الإنقاذ) ، ومنهم ” بكري ” الذي اقتحم المظلات وقد (سقطت) تماماً في أيدي الانقلابيين الجدد  !!

نواصل غداً .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية