الديوان

جدلية الكعب العالي.. الجميلات هنَّ القصيراتُ (يُشرَبْنَ في كأس ماء)

في دأبها الدائم نحو الجمال لا تأبه المرأة لمآلات وتداعيات ما ينجم أحياناً وتسفر عنه أدوات التجميل. ما يهمها فقط هو مظهرها اللائق والأنيق ولو على حساب صحتها، والحذاء ذو الكعب العالي الذي تنزع السيدات لاحتذائه وأسر أقدامهن الناعمة بين (قضبان) حدوته تنتج عنه الكثير من المشكلات الصحية بحسب دراسات عديدة، ومع ذلك يرفضن أناخته ووضع وزره عنهن والانفلات من قبضته القوية بالاستعاضة عنه بـ(زواحف) من شأنها تخفيف حدة العاقبة.
وبحسب الاستطلاع الذي أجرته (المجهر) مع فئات عمرية مختلفة من الإناث، فقد تفاوتت الآراء حول (الكعب العالي) بين مؤيدة ومشددة عليه، ورافضة له، وبين من هن (بين بين) لا كعباً بلغن ولا (شبشباً) أبقين.
في الليل.. احتذاء الكعوب مطلوب
وفي هذا السياق وصفت السيدة “اّمال الرشيد” بدون الـ( كعب العالي) بعبارة (كأني ماشه حفيانة)، فهي تعتبر الحذاء عالي الكعب مكملاً لهندمة المرأة، فالثوب والتسريحة والإكسسوار لا يبرزن جمال أية امرأة بالقدر الكافي ما لم ترفع قدميها عن الأرض عدة (سنتمترات)، وأضافت “آمال الرشيد” معددة مزايا ومحاسن الكعب العالي على طريقة (كل امرأة بكعبها معجبة)، فقالت: إنه يسهم في اعتدال القامة وإبرازها كـ(فريع البان) على حد تعبيرها، لكنها استدركت: طبعاً لا يمكن احتذاء (الكعب) في كل الأحوال، فليس من المعقول أن أكون ذاهبة للتسوق أو لزيارة الجيران بكعب عالٍ، فهو يستخدم في مناسبات معينة ومعروفة. 
وفي المقابل ترى “سلمى النعيم” الطالبة بالمستوى الرابع جامعة النيلين، أن الكعب العالي يصلح فقط لمناسبات بعينها، وما دونها الأحذية الزاحفة أولى بها، خاصة للطالبات لأنها عملية جداً، وأضافت “سلمى” من المعقول أن تكون الطالبة مقيدة بـ(كعب) وهي تتحرك وتجوس بين عديد القاعات والكافتيريات وساحات الكليات، لذا فالأحذية الزاحفة هي الأجدى والأكثر عملية في حالة الطالبات لأنها تساعد على الحركة بخفة وانسيابية علاوة على أسعارها المعقولة مقارنة بـ(عالي الأحذية) ما يجعل من اقتنائها عطفاً على ظروف الطالبات أمراً ممكناً، واستطردت ” سلمى النعيم” قائلة: بالطبع فإن الزاحفة أكثر اتساقاً مع (التطقيم) وفقاً للون ( اللبسة) والحقيبة و(الطرحة)، لكن في المناسبات (الليلية) التي لا تحتاج إلى حركة دائبة، فإن احتذاء الكعوب أمر مطلوب. 
صديقات الزواحف
تستعين كثير من السيدات قصيرات القامة، بالأحذية العالية في مد قامتهن في محاولة للحاق بالفارعات دون خوف من شيء سوى الانزلاق الغضروفي أو الأرضي، هكذا أدلت الموظفة “نجلاء سيد أحمد” بشهادتها على الكعب العالي، وأضافت: أنها شخصياً تعاني من قصر القامة الذي كاد أن يتسبب لها في عقدة نفسية لولا نزوعها المتصل في امتطاء عاليات الكعوب من الأحذية، رغم أن طبيعة عملها تحتاج إلى حركة كثيرة، فضلاً عن تنقلها بالمواصلات العامة وتسلقها الدرج بصورة يومية إلا أنها بدأت تشعر بآلام مبرحة في كعب قدمها، وبمقابلتها لطبيب متخصص وبعد إجرائها لكافة (الفحوص والتمحيصات) اللازمة، أكد لها وجود نتوءات وحبيبات صغيرة داخل (كعب قدمها) بسبب الحذاء العالي، فأقسمت أن لا تلبسه إلاّ (للشديد القوي) على حد تعبيرها، ومن ذلك اليوم وإلى الآن صارت “نجلاء” صديقة لـ( الزواحف).
ذات المصيبة ألمت بالسيدة “فوزية ناصر” ربة منزل و(قصيرة القامة) والتي عمدت في محاولة مستميتة للحاق بكتف زوجها بالتوسل إلى( الكعوب) للارتفاع عن ظهر الأرض خاصة عند خروجهما سوية وحذوة بحذوة، ورغم أن بعلها كثيراً ما نصحها بالعدول عن هذه الحماقة التي ظلت تكلفها صحياً ومادياً وتخصم من وقته بإبطاء حركته السريعة، بينما “فوزية” ( تجابد) وتكابد في اللحاق به حتى تكاد  تنكفئ على وجهها، لكن للأسف انتهى بها الأمر أخيراً إلى (غضروف) ألزمها السرير طويلاً مما قلل من حركتها ونشاطها.
()
إلى ذلك أكد باحثون بريطانيون أنهم توصلوا إلى السر الذي يجعل النساء اللاتي تعودن على ارتداء الكعب العالي يشعرن بالألم عندما يلبسن حذاءً مسطحاً، حيثُ أظهرت صور أشعة فوق الصوتية أجريت على السيدات اللاتي يرتدين الكعب العالي أن أنسجتهن العضلية أقصر بحوالي 13% في المتوسط عن اللائي لا يحتذينه، وقال البروفيسور “ماركو ناريكي” المشرف على الدراسة إنه من بين 80 امرأة، اختار فريق البحث 11 متطوعة يلبسن عادة حذاء يبلغ طول كعبه خمسة سنتيمترات لفترة عامين أو أكثر ويشعرن بالألم عندما يمشين بأحذية مسطحة، وأضاف: عندما طلبنا من هؤلاء النسوة الانحناء إلى الأمام، لاحظنا أن زاوية انحراف الكعب لدى مرتديات الأحذية العالية أكبر من مثيلاتها لدى النساء الأخريات نسبة لقصر سيقانهن.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية