فرية استجداء
لم أشأ الاتصال بالسياسي والبرلماني وشيخ العرب “حسن صباحي” بشأن الرسالة التي قيل إنه بعث بها لرئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” يستجديه للإبقاء على د.”عبيد الله محمد عبيد الله” في منصب الوزير بالحكومة الجديدة.. والرسالة التي راجت في الأسافير تمد لسان السخرية لحال البلد قبل قياداتها من شاكلة الرسائل الكاذبة التي تجيد بعض الجهات المعارضة بثها للنيل من النظام ورموزه.. ولأن “حسن صباحي” عضو المجلس الوطني من السياسيين المؤمنين بالرد الصامت وتجاهل خربشات الصغار من مناضلي الكيبورد، آثر الصمت.. ولم تصدر منه حتى اليوم ردة فعل لما راج في الإعلام عن الرسالة المزعومة.
ومن يعرف “حسن صباحي” لن يسأله لينفي الواقعة، فالرجل سلوكه وأخلاقه ورصيده وتاريخه ينفي عنه التزحلق أمام الحكام واستجداء المناصب للأقربين من العشيرة.. ولكن للدكتور “عبيد الله محمد عبيد الله” الأستاذ بجامعة الخرطوم منافسين داخل البيت (المؤتمري) ومناوئين في الفضاء السياسي العام وخصوم بعدد الحصى.. هؤلاء ينظرون لدكتور “عبيد الله” وزير الدولة بالخارجية السابق من خلال صهره “حسن صباحي” ويزعمون أن الرجل أي “عبيد الله” محمول على أكتاف صهره للمواقع والمناصب.. وهؤلاء يسقطون عمداً عطاء “عبيد الله” وسعة أفقه وبصيرته وعلمه ونبوغه، ولو كان “عبيد الله” قد اختير في وزارة غير الخارجية لحصد ثمار غرسه اليوم نجاحاً لا يقل عن أقرانه من الوزراء الشباب، ولكن قدره أن كلف بمنصب متواضع تحت كنف وزارة (تتخامشها) الأيادي ولا يعرف من يدير النشاط الخارجي.
و”حسن صباحي” الذي لعب على أوراق سياسية ما بين الرئيس “البشير” والإمام “الصادق المهدي” بعد شهور معدودة من قيام الإنقاذ وفي جنح الظلام جمع بمنزله بضاحية الكلاكلة بين “البشير” و”الصادق”.. هو “حسن صباحي” الذي خرج من السجن بعد المفاصلة الشهيرة، واستأذن الشيخ “الترابي” بالانصراف من الشعبي والاقتراب من صديقه “البشير” في المؤتمر الوطني.. ولأن”حسن صباحي” قائد سياسي واجتماعي عاد للمؤتمر الوطني ومن خلفه عشرات النجوم السياسيين من أبناء كردفان بصفة خاصة من لدن د.”عيسى بشرى” و”خيري القديل” و”آدم الفكي” و”عمر سليمان” و”حاج ماجد سوار” و”علي دقاش” وآخرين من بينهم د.”عبيد الله محمد عبيد الله”.. ولأن “صباحي” يبذل جهداً ولا يرتجي من ورائه نفعاً ومغنماً ويلقاك متهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله.. لا يسأل “البشير” مالاً ولا عطاءات مقاولات ولا تصاديق مشروعات وهو من يعطي ولا يأخذ.. ويضحي قبل الآخرين، فكيف لـ”صباحي” أن يطلب لابن أخيه وظيفة وزير.. وهو الذي يتحمل أكثر من غيره أعباء الوزراء والحكومات وحظه من العمل العام ينفق ولا يأخذ.. وكان شعار حزب البعث القديم قد قصد “صباحي” دون غيره، البعث أول من يضحي وآخر من يستفيد، والرجل قد ضحى وأنفق ولم يستفد من الإنقاذ شيئاً.. يكدح بعرق جبينه في ساحات المقاولات ويرفض مقاولات الحكومة حتى لو جاءته في بيته ينبذها و(يعافها).. فكيف لمثله أن يستجدي الرجال من أجل سلطة أصبحت كامرأة مباحة.. و”حسن صباحي” لا يذكر الأقربين ولا يأكل من فتات الحكام، وصهره “عبيد الله” لم يأت للوزارة من هياكل الحزب التنظيمية ولا من مكاتب المسؤولين ولا من رصيف العطالة جاء من جامعة الخرطوم وإليها يعود.. ومثل “عبيد الله” عملة نادرة أخذت في الانقراض من سوق السياسة في هذا البلد الذي تتكالب عليه المحن كل يوم.