"بلاص".. رحيل (قمر زمان) مغنيو منحني النيل
“داير أنط الحوش دردرب.. داير أشوف اللابسة الدهب.. أنا العكاكيز فوقي ربرب”
الخرطوم ـ رقية ابوشوك
غيب الموت (الخميس) الماضي بالخرطوم بحري الفنان الشعبي المعروف “عبد الرحمن بلاص” الذي ترك بصمة شعبية في مجال الغناء خاصة في فن الشايقية، حيث اشتهر بأدائه المميز الذي ميزه عن أداء الآخرين، كما اشتهر بعدد كبير من المواهب كممارسة كتابة القصة القصيرة والكتابة الصحفية في مجلة “الإذاعة والتلفزيون” ومجلة “الشباب والرياضة”، وكان له تميز خاص في مجال الأغنية الشعبية.
تمت استضافته لأول مرة بالإذاعة السودانية في العام 1960م عبر برنامج (صفحات على الهواء) الذي كان يقدمه الأستاذ “الفيتوري” وكان محور الحلقة يدور حول الفن والغناء بمنطقة الشايقية.. تأثر الراحل “بلاص” بجده وعشقه لمدائح “أولاد حاج الماحي” مما كان له الأثر الكبير في تكوين شخصيته الغنائية.. وكما هو معروف فقد جاء من منطقة السقاي بالولاية الشمالية، تلك المنطقة المعروفة بحبها وعشقها لمدائح “أولاد حاج الماحي” كما أنها تقع بالقرب من (دويم ود حاج) المعروفة بالقبب والمشايخ:
(يابا ود حاج أنا جيتا أزور
وجب زيارتك حب للطيور
لي تجيبو عريسي في دور
يضوي بيتنا يلالي بالنور)
“بلاص” أول من كون فرقة موسيقية كبيرة للأغنية الشايقية في الستينات من القرن الماضي.. وحسب الباحث في التراث السوداني ومدير عام إذاعة (ذاكرة الأمة) “عوض أحمدان” فإن “بلاص” قد تعامل في مسيرته الغنائية مع عدد كبير من الشعراء أبرزهم شاعر الشايقية المعروف “حسونة”، وغنى أيضاً لـ”حدربي محمد سعد” و”محمد حمد الشلالي” و”عبد القيوم إبراهيم” و”إسماعيل حسن” الذي غنى له (العودة للبلد وبلادي أنا).
أيضاً غنى لشاعرات- والحديث ما زال لـ”أحمدان”- فقد غنى لـ”نعمى” والدة رفيق دربه الراحل “محجوب كرار”، وغنى لـ”الرسالة بت الطيب” و”فاطمة محمد خير” ابنة عم “أحمد خير” المحامي وجدة الفنان “أيوب محمد الحاج”.
“أحمدان” أكد في حديثه لـ(المجهر) اهتمام “بلاص” بالجانب الشعبي وهو بذلك يعدّ ركناً مهماً من أركان الأغنية الشعبية، وباحثاً في مجال البحث والتراث، وقد شهد له الكثيرون بذلك وهو من الأوائل الذين وثقوا للتراث الشايقي بالإذاعة السودانية، وأضاف: (بلاص لعب دوراً كبيراً في هذا المجال وذلك إيماناً منه برسالته)، وزاد بالقول: (قدم أيضاً للمكتبة السودانية أكثر من “12” مؤلفاً جميعها تتحدث عن التراث وتجارب المجتمعات التي طافها.. ومن أشهر ما تغنى به (يا مريسيل، قمر زمان، بلادي أنا).. و(عيون الصيد) التي تقول:
الله يا عيون الصيد وا ناري
موقدة في قلبي حر وشديد
يا مرسالي قوم من عندي مسرور
خديرة الفي القصب حلقاتو باجور
تومتي لهجك عنبر وقزازو بنور
نفسك في الفتايل شمعو مقفول
أما أغنيته المشهورة التي تغنى بها (رايقة هوي ليلي أنا) فستظل من أجمل الأغاني، وتغنى بها ومعه مجموعة من فناني الشايقية على رأسهم (عثمان اليمني، محمد جبارة، عبد الرحمن الكرو، عجيب وإدريس إبراهيم) وآخرون، أيضاً تغنى بها الفنان الشاب “حسين الصادق” الأمر الذي يؤكد أن أغاني منحني النيل وأغاني التراث ستظل صالحة لأي زمان ومكان.
وإليكم..
هي الدباس الفوق للغصون
وهي الدهب في البنك مخزون
هو الملك بجلالتو في الكون
سمحة هبلت أبان دقون
الجسيم ما طلعوا صابون
بالزباد والمسك مدهون
تشبه الجدي ود اللبون
داير أنط الحوش دردرب
داير أشوف اللابسة الدهب
داير أضوق التين والعنب
أنا العكاكيز فوقي ربرب
إلا سيفاً ياخدني تب
وداير أضوق سجنك يا صنب