المناقل .. مصرع طفلتين وشاب ضحى بحياته وأنقذ شقيقتهما من داخل غرفة مشتعلة
الضحيتان اختبأتا داخل دولاب الملابس خوفاً من النيران فتفحمتا داخله
المناقل – محمد أزهري
فجعت مدينة المناقل غرب الجزيرة بمأساة كبيرة بموت طفلتين شقيقتين وابن جيرانهما وهو شاب في العقد الثاني من عمره، وأصيبت شقيقتهما بعد أن أقتحم الشاب في غرفة انفجرت بداخلها اسطوانة غاز، وأنقذها ثم فارق الحياة لاحقاً، وذلك بحي المزاد، الذي خيَّم الحزن على قاطنيه.
وقال الصحفي “صلاح مكي درب” بوصفه شاهد عيان، وأحد جيران الضحايا لـ(المجهر): إن الحادثة تعتبر أكبر مأساة تشهدها المدينة، إذ تركت حسرة وألماً كبيرين بين أهالي المدينة، وتابع أن والدتهم الكادحة “سوسن الطيب” التي تساعد زوجها في إعاشة الأطفال، وتعمل في مجال بيع الشاي بالسوق الصغير، كانت قد وضعت (حلة بليلة) في الغاز، وذهبت إلى السوق للعمل من أجل إعاشة أبنائها، في وقت كانت الطفلتان بالمنزل، وأضاف أن إحدى شقيقاتهما كانت قد لحقت بوالدتها للعمل معها وبقين الثلاث الأخريات بالمنزل، وأثناء ذلك انفجرت أسطوانة الغاز، وبدأت النيران تلتهم أجزاء المنزل وعندما شعرت الصغيرتان بألسنة اللهب تحاصرهما حاولتا إنقاذ حياتهما فاختبأتا داخل دولاب الملابس، فيما ظلت الثالثة تطلق صرخاتها وسط النيران، واسترسل “مكي” قائلاً: وعندما ارتفعت ألسنة اللهب عالياً سمع أحد أبناء الجيران، ويدعى “مثنى عباس” صوت الطفلة فاقتحم المنزل بشجاعة يحسد عليها، ومن ثم اقتحم الغرفة المحترقة، وأنقذ الطفلة “هويدة محمد آدم” البالغة من العمر (7) سنوات، وأخرجها إلى الشارع العام، دون أن يرى شقيقتيها نسبة لاختبائهما داخل الدولاب، وواصل “مكي” أن الشاب الشجاع قد تعرض لحريق من الدرجة الأولى بجانب الطفلة التي أنقذها، ووقتها كانت قوات الدفاع المدني قد حضرت وشرعت في احتواء الحريق، وقد نجحت في ذلك بفدائية عالية لدرجة أسفرت عن إصابة أفرادها بحروق متفاوتة، وقال: إن الشاب رغم إصابته كان يقول لأفراد الدفاع المدني (خلوني في أطفال جوه)، عند محاولتهم إنقاذه من الحريق، وتابع “مكي” أن المفاجأة المحزنة كانت العثور على الطفلتين “مناسك (3) سنوات و”خديجة” (4) سنوات، متفحمتين داخل دولاب الملابس في مشهد أبكى جميع الحاضرين، واستطرد إن الشاب المصاب والطفلة أسعفا إلى مستشفى المناقل، وقد مكث الشاب ساعات تلقى فيها الإسعافات ثم قررت أسرته نقله إلى إحدى مستشفيات الخرطوم، لكنه أسلم الروح إلى بارئها في الطريق، فيما حوَّلت الطفلة إلى مستشفى مدني وهي في حالة خطيرة، وختم: صلاح مكي درب” حديثه لـ(المجهر) قائلاً: إن والدة الطفلتين هي إنسانة كادحة ومعروفة لمجتمع المناقل وهي تعمل رزق اليوم باليوم لمساعدة زوجها في تربية الأبناء، داعياً ومناشداً أصحاب القلوب الرحيمة من أهل المناقل والخيِّرين الوقوف معها حتى تخرج من محنتها سيما وأنها فقدت جميع ممتلكاتها المنزلية بجانب فلذات كبدها، وأثنى على الوقفة المشرفة التي وقفها كل من المحامي “عبد الرحمن علي عبد الرحمن” و”هاني زاهر” و”محمد هارون” (قرج) و”فتحية عمر سعد” و”مجدي أبو كارة” بتكفلهم بعلاج الطفلة المصابة بمدني ووعدهم بطرق كافة الأواب لدعم هذه الأسرة المكلومة.