الديوان

"أم بلينة السنوسي" في حوار بين الماضي والحاضر:

انضممت لمجموعة ملحمة أكتوبر بالصدفة بعد أداء أدهش الباشكاتب
القائمون على أمر الثقافة بشمال كردفان يتجاهلونني ويقدمون المساحات لمطربي العاصمة

عامر باشاب

 في تجوالنا بمدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان كان لابد من تسجيل زيارة إلى منزل رائدة الأغنية السودانية وخادمة التراث الكردفاني الفنانة المخضرمة “أم بلينة السنوسي” ،هذه النجمة التي عاصرت عمالقة الفن في أجمل أيام الأغنية السودانية، واستطاعت بإمكانياتها الإبداعية أن تصبح واحدة من سفيرات الإبداع الكردفاني.. التقينا بها عبر هذه المساحة في حوار مختلف بين الماضي والحاضر، فإلى مضابط هذا اللقاء.

في البداية طمئنينا على صحتك وأحوالك العامة؟.
أنا بخير وصحة وعافية وسعيدة بحياتي المتواضعة وسط أسرتي وجيراني وعشيرتي ، ورغم التجاهل والإهمال  فإن المعنويات عالية والحمدالله على كل حال.
من يدخل دارك يلاحظ من الوهلة الأولى اهتمامك بالزراعة ؟.
منذ الطفولة وأنا أعشق الخضرة والأزهار والورود، ولذلك حرصت أن أزيِّن بيتي بزراعة الأشجار المثمرة مثل الجوافة والليمون والمنقة والرمان.
وما قصة هذه الدومة التي تتوسط حوش المنزل؟.
هذه الدومة موجودة منذ الثمانينيات ورعيتها حتى صارت شجرة كبيرة، وأصبحت من المعالم البارزة في منطقتنا وصار أهل الحي يستفيدون منها في وصف المكان .
لماذا أنت غائبة عن الساحة؟.
أنا والحمد لله أعيش بكامل قواي الإبداعية ،وبفضل الله إمكانياتي الصوتية والأدائية كما هي منذ بداياتي في الستينيات وعشق وحب الفن مازال جارٍياً في دمي.
لكن لا نسمع لك صوتاً حتى داخل مدينة الأبيض التي تستقرين فيها؟.
للأسف الشديد القائمون على أمر الثقافة والفنون بولاية شمال كردفان ظلوا يتجاهلونني ،ولا يتيحون لي الفرصة لتقديم ما عندي من إبداعات والشيء الصادم والمحبط أنهم يستعينون بمطربي العاصمة الخرطوم، ودائماً يتعاقدون معهم  للمشاركة في الفعاليات الإبداعية والمناسبات القومية.
ولماذا كل هذا التجاهل لمطربة في قامتك؟.
حقاً لا أدري، يمكن مفتكرين صوتي شاخ ولم أعد قادرة على العطاء.
وبالمناسبة لست وحدي فكل المبدعين من مؤسسي فرقة “فنون كردفان” يعانون ذات التجاهل ولا أحد في الولاية يهتم بهم  والعجيب لا تتم دعوتنا للمشاركة بالحضور في الفعاليات القومية وغيرها.
أين فرقة “فنون كردفان” الآن؟.
فرقة “فنون كردفان” كانت أم الفنون في السودان باعتبارها أول فرقة إبداعية إقليمية، كانت ناجحة لأبعد الحدود، ووصلت بفنونها المختلفة لكل ربوع السودان، ولكن المؤسف حالها الآن لا يسر توقف نشاطها ، بسبب الإهمال والتهميش  ومنذ زمن طويل لم أسمع صوت كمان أو إيقاع داخل دار “فنون كردفان”.

هل هناك من يقصدكم بالتهميش؟.
لا أدري، وإذا عرف السبب بطل العجب. 
هل لديك نشاط خارج مدينة الأبيض؟.
نعم، نشاطي الفني متواصل خارج ولاية شمال كردفان، ودائماً ما أتلقى الدعوة للمشاركة في العديد من الفعاليات بالعاصمة الخرطوم، قبل فترة شاركت في فعاليات احتفالية تخص الإخوة في الصندوق القومي للمعاشات، وقبلها شاركت في ليلة الأغاني الوطنية التي نظمها اتحاد المهن الموسيقية والدرامية بمناسبة ذكرى الاستقلال.
سر وجودك بمدينة الأبيض ؟.
عروس الرمال هذه البقعة الطاهرة محفورة في وجداني، ولا أقوى على مفارقتها لحظة، فهي أرض الميلاد والأجداد والأهل والعشيرة والجيران والأحباب.
 نعود بك إلى الوراء..عند أول أغنية قدمتيها؟.
(دار أم بادر) وهي أغنية تراثية، وأذكر قدمها لي الدرامي والشاعر المخضرم الراحل “عثمان حميدة” (تور الجر) وأذكر حينها قال هذه الأغنية تشبهك وتليق بك. وبالفعل كانت أول أغنية أقدمها وسجلتها لبرنامج ربوع السودان بالتلفزيون القومي. وبعدي قدمتها المطربة الراحلة “زينب خليفة” (فردة ثنائي النغم).

حدثينا عن تجربتك الإبداعية الثنائية؟.
تجربتي الثنائية كانت مع الزميلة الراحلة الفنانة “فاطمة عيسى” كوَّنا أول ثنائي غنائي أطلق علينا لقب (ثنائي كردفان) وقدمنا مجموعة من الأغنيات من بينها (ارحموني يا ناس) كلمات الشاعر “أحمد هارون” و(الحياة حلوة) كلمات “عبد العزيز عبد المنعم” وألحان الموسيقار “جمعة جابر”، وأذكر عند ظهورنا لأول مرة بالمسرح القومي بهرنا الحضور بما قدمنا، حتى أن المذيع الراحل “عمر عثمان” وصفنا بمعجزة القرن.

وماذا عن مشاركتك في ملحمة أكتوبر؟.
مشاركتي في ملحمة أكتوبر جاءت بالصدفة، ففي أحد الأيام ذهبت برفقة عدد من الزملاء إلى منزل الفنان “محمد الأمين” لمتابعة بروفاته لأحد أعماله الجديدة، ونحن هناك حضر الشاعر هاشم صديق يحمل قصيدة (قصة ثورة) (ملحمة أكتوبر) بعد أيام علمت بأن محمد الأمين لحَّن (قصة ثورة) ونظم  ورشة لذلك ، ذهبنا لمتابعة هذه الورشة وعندها تم توزيع المقاطع بين المطربين الذين تم اختيارهم للمشاركة في أداء هذه الملحمة الغنائية، أذكر أن الفنان “عثمان مصطفى” قدم (سال الدم في أرض الوادي) والفنان أبو شلة قدم مقطع (الشارع سار) ،وعندما وصل محمد الأمين لمقطع (كان القرشي شهيدنا الأول) لم يجد أحدا ليقدمه، فطلبت منه أن أقدمه .. بالفعل قال سوف اختبرك، ومن المرة الأولى اندهش لأدائي لهذا المقطع، وعندها أعلن ضمي للمجموعة، ومن هنا جاءت مشاركتي في الملحمة الوطنية، وكانت من أعظم تجاربي الإبداعية،  التي اعتز بها حتى الآن.
الوسط الفني بين الماضي والحاضر؟.
في السابق كان المبدعون مترابطين ويجمع بينهم روح التنافس الشريف وكانت النتيجة كماً هائل من الأعمال الغنائية الموجودة، ولكن الآن عمت الفوضى وزادت الأغنيات الهابطة .

هل أخذ جيلكم حقه كاملاً في التكريم؟.
للأسف الشديد المبدعون الحقيقيون في كافة المجالات الإبداعية مازالوا يتعرضون للتهميش من الدولة،  ولم يأخذوا حظهم من الاحتفاء والتكريم الذي يليق بما قدموا لهذا الوطن، ولكن يكفينا حب واحترام، الجمهور الذي تابع مسيرتنا الإبداعية ، واستمتع بكل ما قدمنا له، والجماهير دائماً ما تشعرنا بقدرنا ومكانتنا في قلوبها وهذا يكفينا.
تكريم في الخاطر؟.
تكريم تلقيته أنا وثنائي النغم من راعي المبدعين ومؤسس منتدى الخرطوم العائلي الراحل “صلاح ياسين”. أيضاً تكريم من إذاعة وتلفزيون ،ولاية الجزيرة في عهد الوالي الأسبق “عبد الرحمن سر الختم” وهذا التكريم نظمه الأستاذ “خالد بحيري” وتكريم آخر من شعبة الموسيقى كلية التربية بجامعة كردفان، وأيضاً تلقيت نجمة الإنجاز من رئاسة الجمهورية ،في شهر (10) من العام 2016م.
ما رأيك في الأصوات النسائية التي تتزاحم في الساحة الآن؟.

“فهيمة عبدالله” صوتها جميل و”مكارم بشير” نجمة الساحة، لكنها لم توظف إمكانياتها الصوتية لصالحها، فمازالت محصورة في ترديد أغنيات الآخرين، ولابد أن تنتبه لنفسها ،وتنتج أعمالها الخاصة.
كلمة أخيرة؟.
أشكر فيها كل أفراد الشعب السوداني وهم يتوِّجوننا على الدوام بفيض حبهم وتقديرهم، وشكراً لك وكل أفراد صحيفة (المجهر السياسي). 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية