الديوان

"أزهري محمد علي" في مؤانسة عن خلود واستمرارية الفن الأصيل

تناولت جماليات الشعر الغنائي
الخرطوم – نهلة مجذوب
 في عوالم سحر الغناء والشعر والموسيقى كانت نهارية ندية بندوة العلامة “عبد الله الطيب” بقاعة الشارقة نظمها معهد البروفيسور “عبدالله الطيب” للغة العربية جامعة الخرطوم برعاية شركة “زين”. حيث جاءت بعنوان مسامرة في أشعار الغناء السوداني قدمها بسلاسة وعمق الأستاذ الشاعر “أزهري محمد علي”، بمصاحبة أغنيات عذبة أداها بتألق لافت المطربان المعتق “إبراهيم خوجلي” والمتميز “ياسر مبيوع” أمتعا بإبداعاتهما الحضور.
شهدت حضوراً حاشداً شكَّله المثقفون والأدباء والصحفيون والطلاب، تقدمهم مدير معهد العلامة مدير بيت الشعر الدكتور “الصديق عمر الصديق” والسفير الأديب “خالد فرح” والفنان “عمر إحساس” وآخرون.
القيم الجمالية في المجتمع
 تحدث “أزهري محمد علي” عن الغناء الأصيل والشعر الجميل وتاريخ الأغنية السودانية ليس فقط التي كانت تبث عبر أجهزة الإعلام، بل الأغنية في الحياة العامة كلها، وذكر أن الشعراء كانوا يكتبون الأغنيات في حياء مما حد من إيصال الكثير منها للآخر. ولكن عاد وأكد على المساهمة الكبيرة التي قدمها الغناء لإعلاء قيم فاضلة في المجتمع بجانب المحبة. وتناول إنتاج الحقيبة، وقال إنها استندت على معارف ثقافية ودينية عظيمة علت من القيم الجمالية في المجتمع وتطورها دون تدخل سلطات ثقافية أو سياسية، مما أدى لتراجع السالب وإعلاء الموجب بارتفاع قيم الوعي، كما في شأن العادات كالشلوخ ونحوها. وأضاف أن شعراء الحقيبة ساهموا في خدمة حركة المجتمع لقدرتهم العالية على التقاط الحدث وخلوده واستمراره العالي، مثل “أبو صلاح ” ذو الذاكرة الثاقبة و”خليل فرح” شاعراً مثقفاً حول الأغنية لفعل اجتماعي وفي مواجهة القبح، مقدماً لحركة الشعر الغنائي أغنيات جميلة خالدة. وعبر طواف سريع رشيق وقف “أزهري” عند الأغنية السودانية التي ظهرت في الستينات والسبعينات وحركتها المؤثرة الكبيرة، وأشار إلى مساهمة الشاعرين “مبارك المغربي” و”عبد الرحمن الريح” بوجود عدد من الفنانين كانوا تحت مظلتهما وشكلا حركة واسعة في الشعر والغناء.هذا بجانب الغناء الفصيح والمساهمة الثرة من الشعراء “الحسين الحسن” و”صديق مدثر” و”إدريس جماع” و”صلاح إبراهيم” وأبان أنهم أحدثوا نقلات عظيمة.
فنان يستمع إليه كل الناس
ولفت إلى الفنان “حمد الريح” كونه صاحب مبادرات بغناء الفصيح الذي أضاف قيمة كبيرة للغناء. وأوضح أن حركة الغناء في السودان كانت ماكوكية في جميع أجزائه باللهجات المحلية في الشرق ومناطق الأنقسنا والغرب والشمال، مثالاً أغنية النوبة، وهنا وقف عند “محمد وردي” ودوره في الأغنية السودانية عامة وأغنية الطنبور أيضاً. وأضاف “وردي” فنان عظيم ذكي ساهم في حركة التطوير الغنائي والنهضة بالشعر الغنائي السوداني، وكان فناناً يستمع إليه كل الناس. وعند “وردي” حيا الشاعر “التيجاني حاج سعيد”. وقال : إن رائعته (قلت أرحل، ومن غير ميعاد)، كانتا نقله نوعية في ذلك الوقت. وقال “أزهري”: إن التطور الذي حدث في الأغنية السودانية يصعب تجاوزه في أزمنة تاريخية، ولفت في هذا الجانب إلى الشاعر “حدربي محمد سعيد”. وذكر أن الشاعر الراحل الرقيق “سعد الدين إبراهيم” أحدث نقله نوعية بمشروع حداثي مختلف في الشعر منذ فترة السبعينات وبعدها عندما تغنى بـ (عن حبيبتي أنا بحكي ليكم) و(العزيزة)، وأن الشاعر “الطيب عمر الدوش” ببساطة شخصيته وتواضعه ساهم فيه بكل أغنياته بجانب “محجوب شريف” بـ(جميلة ومستحيلة) وعدد كبير من الأغنيات. وقال: إن هؤلاء شكلوا نقلات عظيمة لحركة المجتمع. وحكى “أزهري” شهادات قيمة ومواقف إنسانية نبيلة كان شاهد عليها بنفسه لهؤلاء المبدعين منهم “الدوش” و”محجوب شريف” و”مصطفى سيد أحمد” تحكي عن عفتهم وتواضعهم وإنسانيتهم وبساطتهم، وعاد وأكد على أن “الدوش” و”محمد الحسن سالم حميد” و”محجوب شريف” و”هاشم صديق” كان له الأثر الكبير في حركة الشعر السوداني المرتبط بهم الناس وحركة الحياة وينادي لقيم العدالة الاجتماعية والحرية والسلام الاجتماعي المطلوب.

ارتباط الأغنية بمكارم الأخلاق
وقال “أزهري”: نحتاج لنخب تراعي تنوع السودان، لأنه بلد متعدد الثقافات واللهجات والدين لتوحيد ضميره وإيقاف الانعزال عن ثقافتنا وأرضنا وبعضنا ولنتباهى به. وخلص “أزهري محمد علي” إلى أن الأغنية السودانية لدينا مرتبطة بمكارم الأخلاق ولا توجد أغنيات تتناول سلوكاً منحدراً، أو تتسم بالقبح وعزا وجود ما يسمى بالأغنيات الهابطة وغير المرضي عنها الآن، نتجت لظروف موضوعية في الواقع الاجتماعي.ولكن عاد وقال: لما كانت الأغنيات عظيمة خرج مبدع مثل “السر دوليب” كتب (مسامحك يا حبيبي ) و(ناكر الهوى) ووضع الناس في مكانة وسطية حققت مرحلة سلامة اجتماعية لإنتاج فعل جمالي مختلف. ويواصل “أزهري” بأن نقله نوعية عظيمة حدثت مؤخراً في حركة الغناء والشعر السوداني بظهور الفنان “مصطفى سيد أحمد”، وأوضح أنه تغنى لأكثر من (65) شاعراً، وأبان أن الذين كتبوا الشعر قبله في مرحلة “مصطفى سيد أحمد” كان مختلفاً، وأوضح أنه كان ينتقي نصوصاً تشكل مشروعه الثقافي الغنائي الذي يرتبط بحياة الناس. وقال إنه صمد وأنتجه في ظروف ضاغطة وقاهرة. وتحدث “أزهري” أخيراً عن الفنان الشاب الراحل “محمود عبد العزيز” كأحد المشروعات الغنائية ذات القيمة. وقال: إن “محمود عبد العزيز” فنان حقيقي بالرغم مما تعرض له لصالح مشروعات أخرى دون قناعته، وأضاف أنه من أصحاب المشروعات العظيمة لأنه لم ينحط بالأغنية السودانية، وإن كل ما تغنى به كان غناءً مسؤولاً ويحرص فيه على تجويد الأداء الموسيقى. وختم قائلاً: ( ومات فقيراً وهكذا حال العظماء الذين حملوا رسالة الشعر والغناء ).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية